01-09-2014
|
| | | لوني المفضل Dimgray | رقم العضوية : 6 | تاريخ التسجيل : May 2010 | فترة الأقامة : 5301 يوم | أخر زيارة : 07-01-2014 (09:19 AM) | الإقامة : أَسْكُن اريَآف أبَي | المشاركات :
13,261 [
+
] | التقييم :
36 | معدل التقييم : | بيانات اضافيه [
+
] | | | |
دروس عشرة من همة نملة
يزداد عجبي كلما قرأت في قصة هذه النملة العجيبة كواحدة من مجتمع النمل المنظم البارع في الإتقان والعمل والنهضة والتقدم، -نملة نبي الله سيلمان عليه السلام- وهي تنصح قومها لمّا رأت ما سيأتي عليهم بالسوء -في ظنها وحساباتها- أو على الأقل سيعطلهم عن كثير من العمل والخير الذي يريدونه فكان ما كان من أمرها. يقول الله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل:18-19]. لقد منح الله سليمان نعمة فهم كلمات ولغات أقوام كثيرة غير البشر، ومنهم النمل، فمرَّ ذات يوم على واد النمل أو قرية النمل، وكان يرافقه جيشا عرمرمًا قويًّا فتيًّا، فلمّا رأت نملة من بين واد النمل ما شغل بني جنسها وألهاهم عن أعمالهم وعن ذكرهم لربهم، وقيامهم بمهامهم، صرخت فيهم ونادت: {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} ثم علّلت لماذا؟ قائلةً: {لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ}. وفي هذا الخطاب النملي إلى النمل، وفي حركة النملة لإنقاذ مجتمعها دروس وعبر كثيرة، أركز على بعض منها في جوانب النهضة الثلاثة [العمل والإنتاج - التربية - الدعوة]، لعل من أهمها ما يأتي -وهو ما يمكن أن يستفيد منه المسلمون؛ كدروس إدارية وتنموية ونهضوية وفكرية وإيجابية، ولا حرج فالحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق وأجدر بها-: أولا: إتقان العمل؛ إذا كان العمل قيمة فإن إتقانه أقيم وأروع من العمل ذاته، فلا قيمة للعمل بدون إتقان له، {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [التوبة:105]، هذه نملة قامت بإتقان عملها على وجه يرضي خالقها مراقبة إياه، محاولة الوصول بقومها إلى احترام الوقت وتقديره وإتقان المهام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه". ثانيا: التيقظ والانتباه؛ الأصل ألا يُلْدَغ المؤمن من جحر مرتين، ولكن للأسف كم من المسلمين اليوم من يُلْدَغُون مرارا وتكرارا من جهات وأعمال وأشخاص ولا يتيقظون. ورحم الله ابن القيم؛ حين جعل من أوائل درجات السالكين إلى الله: التيقظ. فأما نملتنا هذه فقد تيقظت وأيقظت وانتبهت ونبّهت، وهو شأن يجب أن يقتدى به؛ وأن يتعلمه المسلمون؛ خاصة في زمان العزة والكرامة والربيع العربي: لا يجوز أن يضحك على المسلمين مرة أخرى أو أن يتركوا زمام أمرهم لغيرهم يتسلط عليهم ويستولي على عقولهم، إنها دعوة لليقظة والتيقظ في كل شأن من شئون الحياة. ثالثا: الهمَّة والإرادة الفتيّة؛ كثيرًا ما نشكو في الأعمال والوظائف والمهن من كسل بعض الموظفين عن أعمالهم، مما أخرنا كثيرا في الإنتاج حتى صرنا وللأسف نستورد كل شيء تقريبا؛ لدرجة أن كل شيء مكتوب عليه: صنع في الصين أو في غيرها، وكذلك في المجال التربوي والدعوي؛ ففي جانب التربية: مَن مِن الآباء والأمهات من يكون لديه همّة عالية وإرادة فتيّة في تعلم وسائل وطرق تربية الأبناء والخروج بهم من مأزق الشهوات والانحرافات، وكذا في جانب الدعوة: أين همّة الدعاة، الذين يشعرون بمسئوليتهم نحو دينهم وأمتهم من أن يطوروا من أنفسهم ويتواكبوا مع الأحداث بما يرفع عنهم الحرج أمام الله. رابعا: تغليب المصلحة العامة على الخاصة؛ إن قائد القوم لا بد أن يكون أولهم في العمل بما يقول، فهذا أبو بكر يكشف عن بطنه لرسول الله يومًا وقد ربط حجرًا على بطنه من الجوع، وكذلك عمر بن الخطاب، فكشف لهم رسول الله عن ثلاثة أحجار يربطها على بطنه، هذا هو القائد وهذا هو الحكيم في إدارة الأمور، وهذا هو الداعية في دعوته، ها هي نملة خافت على مجتمعها وغلبت المصلحة العامة على الخاصة -كان من الممكن أن تصمت ولا تهتم ولكنها ناصحة فتية وقوية بهمتها، ولها رسالة لا تتأخر عن خدمتها- فليتعلم القادة اليوم والسياسيون والزعماء بتغليب مصالح الأوطان العامة على مصالحهم الشخصية مهما كان حجمها ومقدارها؛ فالله رقيب وحسيب!!. خامسًا: التضحية وإنكار الذات؛ لا يهمك أن ينسب إليك عمل ما أو أي فكرة كانت!!؛ المهم هل أقيم العمل واستفاد به الناس؟، هذا مبدأ تحركت به النملة في دعوتها وخطابها وبهمتها: ضحت بوقتها وجهدها وما أوتيت به من قوة؛ من أجل مجتمعها وأمتها، لم تهتم بذاتها كثيرا، حتى أن الإشارة جاءت في القرآن الكريم إشارة واضحة إلى أنها نملة، كما قال القرآن: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ} نملة منكرة الذات والشخصية، المهم: المجتمع. فياليت قومي يعلمون بأهمية العمل للأمة والمجتمع والأوطان بدون اهتمام ذاتي بشأن رفعة الذات على الآخرين أو أن يشار إليه بالبنان، المهم أن الله يعلمه، كما كان الأولون: صدقوا الله فصدقهم الله!!. سادسا: النظام وتقسيم العمل؛ ما أجمل النظام!! لا أقصد به نظام دولة ما، ولكن أقصد به نظام العمل وتقسيمه بصورة تليق بالمجتمع والأمة وتدفع إلى النهضة والتقدم والإنجاز. لعل من قرأ عن عالم النمل قد اكتشف أن النمل يعد أروع عالم منظم في الكون، بالإضافة إلى الطيور في السماء والبهائم في الأرض والنحل في بيوته، وهكذا نكتشف أن الكون كله منظم ويسير وفق خطط منظمة مرتبة، لكن للأسف هذا الإنسان المكرم إلا من رحم ربي يكره النظام وترتيب الأدوار، مع أن حاجة الإنسان لذلك أهم وأخطر. فليتعلم عالّم البشر من عالَمِ النّمل طريق أداء الأعمال وتقسيم الأدوار وتوظيف الطاقات على وجه نهضوي بارع. سابعا: الحنكة في إدارة الأزمات؛ بالتأكيد الأمة تتأزم أحوالها بين حين وآخر، وتتعد الأزمات والكرب بها، وليست المشكلة في وجود الأزمات فطبيعة الحياة أنها فترة أزمة، لكن المشكلة الأكبر في عدم الحنكة في إدارة الأزمات، النملة أدارت الأزمة بصورة صحيحة غير مستفزة لقومها ولا للجيش الذي يمر من أمامها: ما قالت أن الجيش سيتعمد أن يحطمكم، أو أنه جاء هنا لإهلاككم، ولكنها نسبت الغفلة إلى قومها فليفعل الآخرون ما يفعلوا المهم أنت: ماذا تفعل تجاه ما يقوم به الآخرون، فقالت النملة: {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} فانتبهوا يا قوم، وكان بحمد الله تذكرتهم بأهمية الانشغال بالله عن أي شيء آخر. ثامنا: المبادرة والإيجابية والجديّة؛ لطالما تاهت الأمة في رحاب سلبية مهينة أوردتها المهالك، فترات طوال، غير أن مع ربيع الثورات العربية بدأت الأمة بفضل من الله وحده بخلع رداء السلبية وارتدت من جديد ثوب الإيجابية، وهو ما يمكن أنت نتعلمه من شأن هذه النملة والتي لم تقل:
(وأنا مالي – هو أنا اللي هغير الكون – هما أحرار؛ المهم أنا – ما ليش دعوة – عيش جبان تمت مستور...... إلى آخر ما نسمع من كلمات السلبية)!! لا بل تحركت وكانت صاحبة همة عالية وإيجابية فذة لم يرى الكون لها مثيل في عالم الحشرات!!. فليتعلم بنو الإنسان من هذه الإيجابية ولا تكن النملة أفضل منك أخي المسلم وأختي المسلمة: كن إيجابيا في خدمة أمتك ومجتمعك الذي فيه تحيا وتعيش وقدم اليوم ما ينفعك للغد. تاسعا: الإنجاز العالي؛ هذا الإنجاز الذي أنجزته النملة بخطابها وهمتها جعل سليمان النبي يتبسم ضاحكًا فرحًا لأسباب عدة؛ من أهمها: شكر نعمة الله الذي منحه فهم اللغات واللهجات، وكذا همة هذه النملة الصغيرة نحو مجتمعها بما ينقص مجتمع البشر أحيانا، لأنها قصة ستخلد وقد علم ذلك والمؤمنون من كل أمة سيعرفون عظمة هذا العالم العجيب –النمل- بما يدفعهم دفعا نحو الاعتراف بقدرة الله الخالق الرزاق. إنجاز ليس له مثيل في الدعوة!! إنجاز تحركت أمة بسبب!! إنجاز يدفع فينا روح الإنجاز والعمل على النهضة!! إنجازنا يا إخواني يحتاج إلى إنجاز، فأنجزوا أعمالكم وراقبوا ربكم وهو من سيحاسبكم على أوقاتكم وجهودكم وأعمالكم. عاشرًا: الشعور والإحساس بالمسئولية؛ كثيرون أولائك الذين يعيشون في الدنيا بلا أهداف ولا غايات، وهؤلاء تجدهم في كل قطر ومصر، لكن أكثر منهم بإذن الله الذي يشعرون بالمسئولية ويملؤهم الحزن على أحوال أممهم ويسعون جادين نحو القيام بما هو مفروض عليهم؛ سواء مفروض شرعًا، أو فرضوه هم على أنفسهم؛ من منطلق الإحساس بالمسئولية. إننا بحاجة ماسة هذه الأيام أن يحيا كل مسئول في أي مكان هذا المعنى الإحساس بالمسئولية؛ فإذا أحس الأب أو الأم بمسئوليته تجاه أبنائه ما فرّط في واجبه في التربية السليمة لهم، وإذا أحس الداعية بمسئوليته ما نام عن دعوته، ولا غمضت عيناه إلا وهو يفكر في حلم الأمة الأكبر من أستاذية العالم وسيادة الإسلام، وإذا أحس الحاكم في أي مكان بخطورة المسئولية نحو شعبه ووطنه راجع نفسه أهو ظالم أم لا؟ أهو قائم بالحق والعدل أم لا؟ أهو مراقب ربه أم لا؟ أهو يخاف الله أم لا؟ أو حريص على بلده أم على نفسه فحسب؟ وهكذا لو تحركنا جميعا بهذا المعنى: ما نام موظف في دائرة عمله، ولا تباطأ مسئول عن مسئوليته، وصدق رسولنا الحبيب: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".. وبهذه الخطة الإدارية وبتلك العناصر التنموية يمكن أن تتقدم الأمم، وتنجز كثيرًا من أعمالها بدون خسائر ولا تضييع وقت أو طاقات أو إهدار مال، كل ما في الأمر: أن نعمل سويا ونتعاون ونجتهد في تحقيق الأهداف، ننظر للأفق الرحب والفضاء الواسع، وننطلق من نقطة بداية إلى نقطة نهاية –وإن كان للمؤمن نقطة بداية لكن ليست له نقطة نهاية؛ فالموعد مع النعيم المقيم الدائم الذي لا ينقطع- فلنعمل ونجد ونجتهد ولا نتوانى أو نتباطأ عن نهضة أمتنا. ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
]v,s uavm lk ilm klgm |