<b>مَدخلْ !
في حقيبة سفركَ تلك .. خبأت لكَ أمنيةً بيضاءَ واحدة
أن تَعودَ ليْ من هذا الغيابْ .. كما أنتْ !
..
إلى ذلك الغَائبْ.. لا أحدْ يَكترثُ لحجمْ الحنينْ الذيْ تكتظُ به المطارات .. ولا أحد يهتم بالابتسامات الصفراءالتي تعلو وجوه المودعين.. لا أحد يهتمْ بحزنهم الأبيض
اللذين يخفونه تحتَ لا مبالاتهم العالية.. ولا الثقب الموجع الذي يمتلأ بصدورهم خلف آخر قبلة وداع .
. وآخر همسة حُبْ !
رحيلكَ لم يكن عادلاً أبداً..ولم يكن عدلاً أيضاً أن أودعكَ بطريقة رَسمية جِداً دونما أن أخبركَ أني أحبكَ
كثيراً وأنَ رحيلكَ هذا يعنيْ أني سأبقى عُمرينْ أنتظر عودتكْ وأني سأنتظر عُمرينِ آخرينْ فوق عُمريْ حتى تعودْ
.. وأنا أعلمُ جيداً أنكَ لنْ تعودْ !
وأنا لا زِلتُ ألملمْ ذاتيْ منذُ غبت عَنيْ..
وأحاولْ أن أستر العريْ الذي يملأ ملامحيْ
أنا وأمنياتي البيضاء التي ماتت منذ أول يوم عرفتكَ فيه !
وأنا منذُ اللحظة الأولى أعلمُ جيداً أنكَ أنتَ رجلُ الغيابْ الأولْ وأنه سيأتي هذا اليومْ
الذي تضعني في حضنكْ وتقبلني وتلعبُ بشعريْ وتخبرني أنكَ راحلْ !
وأنكَ غائبْ وأنكَ لن تعود يوماً !
بعدما أقلعت عن أرض الوطن..
كتبتُ لكَ رسالة طويلة عريضة تمتلأ بالعتب واللوم والشتائم .. والشوق !
وأرسلتها لك وانتظرتُ يوماً ويومين وثلاثاً عل الرد يأتي
لكنك كعادتك كنت بخيلاً علي في كل شيء حتى في رد واحد تخبرني فيه أنك بخير.. !
مع أنكَ تسيرُ في وسط الذاكرة بأطرافِ أصابعك تشبهُ لصاً يتسلل على بيت ثمين ليسرقه..
تتعثرُ بالقبورُ والجثث الملقاةِ بوسط الذاكرة
وتنبشُ عن بقاياكَ فيني ولا تجدها .. تبحثُ عن فتاتكِ
الساذجة التي كانت تشبه الورود وها هي الآن بعد غيابكْ
تشبه العجوز ، مزاجها داكن ، وتلف بآخر زقاق في
الذاكرة ورقة من السجائر وتسرف في التدخين – وتدخن
– ثم تفتح سيجارة أخرى وتحرقها على جسدها وهي
تشعر بأكبر خيبة يمكن أن تصيبها !
ذاتُ تلك الخيبة التي يعيشها العرب في هذه الأوقات !
لعلمك فقط !
أنا الآن أعيشُ غربتين.. غربة الوطن وغربتي فيك أحتضنُ أمي
لأجعلها تشعر بالحنان الذي فقدته أنا
وأملأ حاجات الناس برغبتي فيك !
وأكسرُ دموع أبي الحزينة بقبلة على جبينه !
إليكْ .. إليكَ أيها الغائبْ
أنا لا أسامحكَ على كُلِ الرسائل والطرود والأغاني التي
كنت سترسلها لي ثم تراجعت ، أنا لا أسامحك على
الثقب الموجع الذي يكبر يومياً بصدري
لا أسامحك على كُلِ الدموع التي أبكيها كُلَ مرة أسمع فيها – انت مو قد الكلام –
ولا أسامحك على عدم ثقتي بأي شخص مرة أخرى في حياتي كلها
لا أسامحك على حبي الذي أعطيتك إياه وأنت لا تستحقه !
مخرج
لا أحد يعود كما كان ! لا سيما الغائبون !
وابل *
</b>
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
lh fu] hgydhf !