عَانَقتْ بِـ عَيْنَيْهَا السَّقْفَ هُدُوءٌ كَئِيبٌ يَلُفُّ الغُرْفَةَ
بـِ صَمْتٍ أَحَسَّتْ بِـ حَرَكَةٍ بِـ جَانِبِهَا ورَأْسٌ آخَرٌ سَقَطَ
عَلَىْ الوِسَادَةِ المُجَاوِرَةِ لَهَا وأَذْرُعٌ إِمْتَدَّتْ أَسْفَلَ الغِطَاءِ
وكَأَنَّهَا تُمَارِسُ عَمَلاً رُوتِينِيًّا أَلاَ وهُوَ سَحْبُ الغِطَاءِ
لـِ الإِسْتِسْلاَمِـ لِـ النَّوْمِـ وعَادَ الهُدُوءُ مُجَدَّدًا لـِ تَبْقَىْ هِيَ فَقَطْ
وَحْدِهَا وعَيْنَاهَا لاَتَزَالُ مُعَلَّقَةً بـِ السَّقْفِ وشَرِيطٌ سِينِمَائِيٌّ
مِنْ ذِكْرَيَاتٍ تَقَافَزَتْ لِـ يَمْتَدَّ عَلَىْ شَكْلِ فِلْمٍـ لَيْلِيٍّ يَتَكَرَّرُ
كُلَّمَا أَحَسَّتْ بِـ أَنَّ الصَّقِيعَ يَمْلَأُ حَيَاتَهَا الَّتيْ لَمْـ تَعْرِفْ الشَّمْسَ
إِلاَّ أَيَّامٍـ مَعْدُودَةٍ !
بَدْءْ الفِيلْمْـ
اللَّقْطَةُ الأُولَىْ كَانَتْ قَبْلَ خَمْسَةَ عَشَرَةَ عَامٍـ
فَتَاةٌ صَغِيرَةٌ فِيْ مُقْتَبَلِ العُمْرِ تَتَرَاقَصُ فِيْ زَهْوٍ بـِ ثَوْبٍ أَبْيَضٍ
تُغِيظُ بِهِ
قَرِينَاتِهَا أَنَّهَا أَصْغَرُهُنَّ وأَوْفَرُهُنَّ حَظًّا لـِ أَنَّ فَارِسَ الأَحْلاَمِـ
وَصَلَ إِلَىْ قَلْعَتِهَا قَبْلَهُنَّ لِـ يَخْتَطِفَهَا إِلَىْ مَمْلَكَةِ الحُبِّ
ومَا إِنْ اِسْتَيْقَظَتِ مِنَ الحُلُمْـ لِـ تَكْتَشِفَ أَنَّ لاَ فَارِسًا
ولاَ مَمْلَكَةَ حُبٍّ ولاَ حَتَّىْ غُرْفَةِ حُبٍّ
لـِ تَجِدَ نَفْسَهَا مَعَ أَحَدِ الجَمَادَاتِ هِوَايَتُهُ جَمْعِ الأَمْوَالِ وإِنْجَابِ
الأَطْفَالْ
لـِ يُحَطِّمَـ أَحْلاَمَهَا الصَّغِيرَةَ بِحُضْنٍ دَافِئٍ وشَمْعَةٍ تُضِيءُ
الأُمْسِيَاتِ وهَمَسَاتِ عَصَافِيرٍ
اِسْتَيْقَظَتْ لـِ تَجِدَ نَفْسَهَا أَصْبَحَتْ أُمًّا لـِ أَرْبَعَةٍ
مِنَ الأَبْنَاءِ وزَوْجَةً لِـ رَجُلٍ مِنَ الجَلِيدِ إِلَىْ دَرَجَةِ أَيَّامٍـ كَثِيرَةٍ
تَنْسَىْ أَنَّهُ زَوْجُهَا وتَظُنُّهُ أَخُوهَا
رَجُلٌ مَبْدَأُهُ فِيْ الحَيَاةِ أَنْ أَطْعِمْـ الأَفْوَاهْ واِمْلَأْ البُطُونْ
مُتَنَاسِيًا أَنَّ جُوعَ القُلُوبِ أَشَدُّ وَطْأَةٍ مِنْ جُوعِ البُطُونْ
هُنَاكَ عَائِلَتُهُ تَنْتَظِرُ لُقْمَةً مِنْ حُبْ فَلَذَاتِ أَكْبَادِهِ
وأَكْثَرُهَا هَزَالاً وجُوعًا تِلْكَ المُسْتَلْقِيَةِ إِلَىْ جِوَارِهِ مُنْذُ 15 عَامًا
مَا أَغْبَىْ الرَّجُلْ حِينَ يَظُنُّ أَنَّ الإِكْتِفَاء المَادِّيِّ يَغْنِيْ عَنِ
الإِكْتِفَاءِ الرُّوحِيْ والعَاطِفِيْ
ومَا أَغْبَاهُ حِينَ يُوَزِّعُ نَفْسَهُ عَلَىْ الآخَرِينْ ويَتَنَاسَىْ أَنَّ هُنَاكَ
بِالمَنْزِلِ مَنْ يَشْحَذُ وُجُودَهُ شَحْذًا
اليَوْمـُ يَا قَارِئِيْ 24 سَاعَةٍ ثَلاَث لـِ زَوْجَتِهِ وأَبْنَائِهِ والبَاقِيْ لِـ
أَعْمَالِهِ ومَشَاغِلِهِ الَّتِيْ لاَتَنْتَهِيْ
وأَصْدِقَائِهِ الَّذِيْ لَايَمَلُّ مِنْ وُجُوهِهُمْـ يَوْمِيًّا وجُزْءْ أَخِيْر الله
العَالِمُـ أَيْنَ يَقْضِيهِ ؟!
أَخَذَتْ المُسْتَلْقِيَةُ تُرَاجِعُ بَعْضًا مِنْ ذِكْرَيَاتٍ شَحِيحَةٍ كَانَتْ
جَمِيلَةً ولَكِنْ دَقَائِقَهَا مَعْدُودَةْ
فـَ مَا فَائِدَةُ قَطْرَتَيْنِ مِنْ مَطَرٍ فِيْ صَحْرَاءٍ جَرْدَاءٍ لاَ نَبْتَ مِنْ
وَرَائِهَا ولاَ اِرْتِوَاءْ ؟!
حَاوَلَتْ أَنْ تَتَذَكَّرَ مَتَىْ آخِرَ مَرَّةٍ كَانَ بَيْنَهُمَا حَدِيثٌ أَوْ نِقَاشْ بِـ
قَضِيَّةٍ
لَمْـ تَنْتَهِيْ بِـ شِجَارٍ وأَحْيَانًا تَشْتَرِكُ بِهِ الأَيْدِيْ وحَاوَلَتْ أَيْضًا أَنْ تَتَذَكَّرَ
مَتَىْ آخِرِ مَرَّةٍ كَانَ بَيْنَهُمَا حَدِيثٌ وِدِّيْ فَـ كَانَتْ النَّتِيجَةْ فِيْ كِلاَ
الحَالَتَيْنِ لَمْـ تَتَعَدَّىْ أَصَابِعَ اليَدَيْنِ
أَسْبَلَتْ أَجَفَانَهَا بَعْدَ أَنِ اِنْتَهَىْ الفِلْمُـ لِـ تُطْبَعَ عَلَىْ خَاتِمَتِهِ بَدَلاً
مِنْ كَلِمَةِ النِّهَايَةِ
(( الحَمْدُ لـِ للهِ فِيْ السَّرَّاءِ والضَّرَّاءْ ))
نُقْطَةْ نَبْضْ / بَعْدَ التَّحِيَّةِ آلَ مَاجِدَةْ الكِرَامْـ
مَا خُطَّ حَرْفِيًّا أَعْلاَهْ لَيْسَ بِـ قِصَّةٍ مِنْ قِصَصِ المُسَلْسَلاَتِ العَرَبِيَّةِ
إِنَّمَا حَالْ وَاقِعِيّ لـِ زَوْجَاتٍ كَثِيرَاتٍ أَزْوَاجُهُنَ مِنْ فِئَةِ الجَمَادَاتِ !
المُشْكِلَةُ العُظْمَىْ أَنَّ الرِّجَالَ مِنْ فِئَةِ الجَمَادَاتِ هُمْـ الأسْبَابُ الرَّئِيسِيَّةُ
فِيْ الخَلَلِ الَّذِيْ يَحْصُلُ فِيْ البَيْتِ الزَّوْجِيِّ فـَ المَرْأَةُ بِـ طَبِيعَتِهَا
عَاطِفِيَّةٌ وهِيَ كَمَا الزَّهْرَةُ إِنْ شَحَّ المَاءُ عَنْهَا وحُجِبَتْ الشَّمْسُ
ذَبُلَتْ واِصْفَرَّتْ حَتَّىْ وإِنْ كَانَتْ فِيْ تُرْبَةٍ جَيِّدَةٍ
وبَعْضُهُنَّ يَتَحَوَّلْنَ إِلَىْ نَبَاتَاتٍ صَحْرَاويَّةٍ رُبَّمَا تَمْتَدُّ جُذُورُهِنَّ لِـ البَحْثِ
عَنِ المَاءِ بَعِيدًا عَنِ البُقْعَةِ الَّتِيْ تَنْبُتُ فِيهَا
بـِ رَبِّكُمـْ يَا قُرَّاءَ مَاجِدَةْ عَلَىْ مَنْ يَقَعُ هُنَا اللَّوْمَـ فِيْ فَسَادِ
الأُسْرَةِ وتَشَتُّتِ الشَّمْلْ ؟!
كَثِيرٌ مِنَ الرِّجَالِ يَشْتَكُونَ الفُتُورَ والبُرُودَ فِيْ حَيَاتِهِمْـ
دُونَ أَنْ يُفَكِّرُوا لـِ لَحْظَةٍ أَنَّهُمْـ قَدْ يَكُونُوا سَبَبًا رَئِيسًا فِيْ فُتُورِ
الحَيَاةِ
وعَيْبُ الرَّجُلِ الشَّرْقِيِّ لاَ يَعْتَرِفُ أَبَدًا أَنَّ هُنَاكَ قُصُورْ قَدْ يَحْصُلْ
مِنْ نَاحِيَتِهِ
وأَسْهَلُ كَلِمَةٍ يَقُولُهَا ( أَنَا لـَ شُوْ عَمْـ بَتْعَبْ وبْجِيبْ مَصَارِيْ لَمِينْ مُوْ لـَ إِلْكُنْ )
ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ النُّقُودَ هِيَ السِّحْرُ الَّذِيْ يَجْعَلُ مَرْكِبَ الحَيَاةِ يَسِيرُ
دُونَ عَقَبَاتٍ
عَفْوًا عَزِيزِيْ آدَمـْ المَرْأَةُ تَحْتَاجُ قَلْبَكَ لاَجَيْبِكَ !