الفطام هو إجبار الطفل على التخلص من الرضاعة الطبيعية (من الثدي عن طريق المص)، واستبداله بتناول الطعام عن طريق الفم. قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الأحقاف: 15]، وقال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 233]. يتضح من الآيتين السابقتين أن مدة الرضاعة التامة عامان فقط "أربعة وعشرون شهرًا"، أكدها الله تعالى بقوله: {كَامِلَيْنِ}، وبقوله أيضًا: {لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}؛ ولذلك فإن الزيادة أو النقصان على هذه المدة المحددة، يؤثر تأثيرًا سلبيًّا بلا شك على هذا الرضيع. ومما هو جدير بالذكر أن بعض الأمهات يتعاملن مع أطفالهن بخصوص هذا الشأن كما لو كانوا مجرد آلات جامدة خالية من المشاعر، بمجرد بلوغ الطفل السن المناسبة للفطام من وجهة نظرهن، يباغتنه بحجبه عن الثدي دفعة واحدة، ويتم ذلك بوضع مادة منفرة على الثدي، أو بوضع مادة ذات طعم كريه مثل: الصبار، أو عن طريق تخويف الطفل من عملية الرضاعة، وهن في الوقت ذاته لا يستشعرن أنهن بذلك يحطمن نفسية الصغير بإبعاده عن أهم مصادر الغذاء النفسي والبدني في هذه المرحلة العمرية. ولكن ينبغي أن يُرَاعَى عند الفطام المبدأُ القرآني في التدرج؛ وذلك خلال فترة زمنية مناسبة بأن تَحُلَّ وجبة من الغذاء العادي محل رضعة من الرضعات، وبطريقة لا يشعر فيها الطفل بأن رابطته الانفعالية مع الأم قد فُضت أو اهتزت؛ فإنَّ وَقْعَ الصدمة يكون خفيفًا على الطفل، ويمكن استيعابها واحتواؤها. وترجع أهمية استخدام التدرج عند الفطام إلى أنه قد تَعَوَّد على عادة الرضاعة منذ ولادته، ووجد فيها استمرار بقائه البيولوجي والنفسي، تتدعم عنده هذه العادة بشدة يندر معها أن تلقى أي عادة أُخرى تعلمها في حياته مثل هذا التدعيم، ويستمد التدعيم أو التعزيز قوَّتَه ليس فقط من تكرار هذه العادة مرات عديدة في كل يوم، ولا من الإشباع الذي يتحصل عليه من كل رضعة؛ إنما من التأكيد المتتابع لشعوره بالأمن، والتقبل، والثقة في بيئته الخارجية، والتحقق الدائم من صحة توقعاته، واعتماده الكلي عليها، ويداهمه الفطام؛ ليزلزل كل هذه المشاعر، ويهدد وجوده في الصميم[1]. يرتبط الفطام التدريجي إيجابيًّا بـ:
• شعور الطفل بالاستقلال النفسي، وثقته في نفسه والآخرين، وكذلك شعوره بالأمن.
• عدم تمركز الطفل حول ذاته، وتحرره من الحساسية الزائدة نحو نفسه والآخرين، واقترابه من الموضوعية في سلوكه وتصرفاته وأحكامه على الآخرين وعلاقته بهم.
• التحرر من القلق بما يتضمنه من الشعور بالتهلل، والسعادة، والرضا. كما أن الفطام المفاجئ يزلزل هذا الاستقرار، ويعصف بهذه المشاعر الأساسية للنمو، ويعيق انتقال الطفل إلى المرحلة التالية من النمو بسلام[2]. وأفضل أوقات الفطام إذا كانت حرارة الجو معتدلة، ولا سيما في فصلَي الربيع والخريف، كما يجنب الفطام في أوقات الحر الشديد، أو البرد الشديد، ويقدم إليه الطعام اللين سهل المضغ والبلع، ويُجَنَّب الطعام الخشن؛ لأن معدته وأسنانه لم تتعود عليه بعد، وكذلك يُعْرَض عليه الماء باستمرار؛ لأنه يساعده على الهضم والبلع، وفوائده كثيرة بالنسبة إلى الطفل الفطيم.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
hgt'hl