الإخوة الأعضاء الكرام : الرجاء في حال وضع صور في المنتدى أن يكون رفعها على مركز الرفع الخاص بالمنتدى وهو موجود في صندوق الموضوع المطور أو ضمن الإعلانات النصية الموجودة أسفل المنتدى ، لأن ذلك يسهم في سرعة المنتدى وأدائه ، وشكراً لكم على كرم تعاونكم || كن بلا حدود ولا تكن بلا قيود .|| إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا . || قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أد الأمانة إلى من ائتمنك ، ولا تخن من خانك . || الإرهاب .. لا دين له || |





أطلال إيمانية عامة يختص بجميع المواضيع الإسلامية العامة All regard to general Islamic topics

الإهداءات

المؤمن القوي

- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ،

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 05-02-2015

زرياب غير متواجد حالياً
لوني المفضل Darkblue
 رقم العضوية : 105
 تاريخ التسجيل : Oct 2010
 فترة الأقامة : 5137 يوم
 أخر زيارة : 04-19-2022 (02:26 PM)
 المشاركات : 405 [ + ]
 التقييم : 10
 معدل التقييم : زرياب is on a distinguished road
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي المؤمن القوي




-





عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كل خير ، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل :قدر الله وما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان " رواه مسلم.


هذا الحديث من جوامع الكلم التي اوتيها الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو نصيحة غالية ودعوة صريحة للأمة ،أفرادا وجماعات أن يتملكوا أسباب ا لقوة التي يحبها الله ورسوله ، القوة في كل شيء مادية ومعنوية ،وفي جميع معانيها المحبوبة لكل إنسان . والله سبحانه وتعالى لايحب للمؤمنين أن يكونوا في الجانب الضعيف ، ولا أن يكونوا من المتقاعسين الذين يضعفون عن مجابهة التحديات أو يجبنون عن مقاومة الأعداء .

هكذا جاءت الكلمات معرّفة عامة ( المؤمن القوي ) ولكن تسلية للمؤمن الذي لايملك الشخصية القوية ولا الشكيمة والإعتزاز فإنه لم يستثن من الخيرية ( وفي كل خير ) وذلك حسب ماعنده من جوانب ايجابية ولوأنها قليلة أوضعيفة ، وحتى لا يقع في أجواء الخيبة والخسران ، وهذا من العدل والإنصاف .

من أين تأتي القوة ؟ تأتي من الإيمان العميق والتمسك بالمبدأ ( الإسلام ) الذي يدفعه إلى التضحية والصبر والمصابرة وتقديم النفس والنفيس في سبيله . تأتي القوة من قول الحق والجهر به والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وتأتي من الأخلاق العالية، فالصبر قوة والرحمة قوة لأنها لا تكون إلا من ذوي النفوس الكبيرة، والعدل قوة لأن العادل لا يخشى بأس المتكبرين ولا يرجو نفعا من المظلومين والتواضع قوة، والحلم قوة، فالحليم لا يستفزه تطاول الناس لأنه أكبر من ذلك. وكل هذه القوى كانت متمثلة في شخص الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أشجع الناس وأكرم الناس وأحلم الناس وأعدل الناس.

تأتي القوة من البعد عن سفاسف الأمور والبعد عن الحسد والحقد والصراع من أجل الجاه والمناصب، فالإنسان المعطاء قوي لأنه لا يعتمد في قوته على المال أو الجاه، إنه يملك أشياء لا يستطيع أحد أن يأخذها منه، يملك الصدق والصبر والشجاعة والشهامة.

تأتي القوة عندما يكون المسلم في دائرة التأثير على الآخرين و يمتلك الخارطة الصحيحة والبوصلة التي تدل على الطريق المستقيم.

وأما العجز فإنه يأتي من عدم الاستعانة بالله ، وربما يظن الإنسان أنه أخذ بالأسباب وكفى، فيكله الله إلى نفسه وإلى ضعفه ، ولكن الحزم والعزم أن يعمل المسلم ويستعن بالله ،ويأتي العجز من التركيز على عيوب الآخرين ، ومن الإحساس بالتعاسة والفشل واتهام الظروف الخارجية وكأنها هي المسؤولة عن الوضع الذي يعيشه هؤلاء التعساء.

يأتي العجز عندما يعيش الناس بلا معايير أخلاقية أو مطالب أو رؤية ، ولكنهم يسعون للقوة من خلال التصاقهم بالآخرين.

يأتي العجز من الأنانية وعدم التعاون مع أهل الخير، ومن عدم الاعتراف بالخطأ والقيام بتصحيحه والتعلم منه بل يستمرالإنسان في خلق الأعذار والتغطية على الخطأ الأول مما يضاعف الفشل والخيبة.

يأتي العجز من التحسر عما فات والوقوع في دائرة الهم والحزن. ومن العيش في أجواء اللوم: لو أنني فعلت كذا لكان كذا ، أو أجواء التمني الفارغ . فالنبي يوسف عليه السلام لم يغرق في رثاء نفسه أو يركز على مساوئ إخوته ، ولكن دعا إلى الله في السجن وكان ايجابيا مع رؤيا الملك ثم مكن الله له وصار الرجل الأول في مصر.

الأبواب مشرعة لكل صاحب طاقة أو موهبة فلا يستصغر الإنسان نفسه, ولكن ليستعن بالله إن إعجابنا بقوة الآلة يكبر يوما بعد يوم ، ولكن القوة الحقيقية ليست في الآلة بل في الإنسان.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف


ولكن كيف يكون المؤمن قويا ؟؟؟

، الله جلّ جلاله وحده هو القوي، ولا قوي سواه، وكل قوة في الأرض مستمدة من قوة الله وحده في اللحظة التي تتوهم أنك قوي، وهذه القوة من صنعك، وقعت في شرك كبير، وأيها الضعيف حينما تتوهم أنك ضعيف، ولا تملك شيئاً، أنت قوي بالله، وأنت غني بالله، وأنت حكيم بالله،قال تعالى

وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴾

[ سورة البقرة: 165]

القوة كلمة واسعة جداً، هناك قوة بالمال، وقوة بالمكانة، و قوة بالمنصب، وقوة بالجمال، والقوة لله جميعاً، لذلك إن أردت قوة حقيقية لا تتحول عنك فابحث عن قوة لا تحتاج إلى غيرها، إنها قوة الله عز وجل، إن أردت أن تكون قوياً طوال حياتك فابحث عن قوة ليست مرتبطة بإنسان فلو أزيح هذا الإنسان فقدت كل القوة، إن أردت القوة الحقيقة فابحث عنها عند الله لأن هذه القوة لا تزول أبداً.

الإنسان قوي بالله و هذا أعظم ما في الدين :

التوحيد هو تحرير الإنسان من كل عبودية إلا لربه الواحد الديان :

أيها الأخوة، ما هي أسباب القوة ؟ قال العلماء: التوحيد أحد أكبر أسباب القوة، التوحيد تحرير الإنسان من كل عبودية إلا لربه الواحد الديان، إذا كنت تابعاً لإنسان فقوتك منوطة بقوته، فإذا أزيح عن مكانه فقدت كل القوة، أما إذا كنت تابعاً للواحد الديان، فأنت قوي إلى كل الحياة،والتوحيد تحرير لضميرك من الخضوع والاستسلام، والتوحيد تحرير لحياتك من تسلط الأرباب والمتألهين، التوحيد يعين على تكوين الشخصية المتزنة التي توضحت في الحياة وجهتها، وتوحدت غايتها، وتحدد طريقها، فليس لها إلا إله واحد، أحد، فرد، صمد، لم يلد ولم يولد، هذه الذات الإلهية الكاملة، يتجه المؤمن إليه في الخلوة والجلوة، يدعوه في السراء والضراء، يرضيه في الصغيرة والكبيرة، قال تعالى:

﴿ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾

[ سورة يوسف: 39]

التوحيد ألا ترى مع الله أحداً، التوحيد يملأ النفس إيماناً، وأمناً، وطمأنينة، فلا تستبد بالنفس المخاوف التي تتسلط على أهل الشرك، فقد سدّ الموحد منافذ الخوف التي يفتحها الناس على أنفسهم، الخوف على الرزق، و الخوف على الأجل، و الخوف على النفس، والخوف على الأهل والأولاد، والخوف من الإنس، والخوف من الجن، والخوف من الموت، والخوف مما بعد الموت، أما المؤمن الصادق الموحد فلا يخاف إلا الله، ولا يخشى إلا الله، لهذا تراه آمناً إذا خاف الناس، مطمئناً إذا قلق الناس، هادئاً إذا اضطرب الناس، دقق في هذه الآية:

﴿ فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آَخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ﴾

[سورة الشعراء: 213]

لما ولي الحجاج بن يوسف الثقفي العراق، وطغى وتجبّر، وكان الحسن البصري أحد الرجال القلائل الذين بينوا للناس الحق، والحقيقة لم تأخذه في الله لومة لائم، بين الحق والحقيقة، وصدع بكلمة الحق من دون خوف أو وجل، فعلم الحجاج بذلك فماذا فعل؟ دخل إلى مجلسه وهو يتميز من الغيظ وقال لجلاسه: تباً لكم وسحقاً، يقوم عبد من عبيد أهل البصرة ويقول فينا ما يشاء أن يقول ثم لا يجد فيكم من يردّه أو ينكر عليه، والله لأسقينّكم من دمه يا معشر الجبناء، ثم أمر بالسيف والنطع - ودعا بالسياف فمثل واقفاً بين يديه، وما هو إلا قليل حتى حضر الحسن، فشخصت إليه الأبصار، ووجفت عليه القلوب، فلما رأى الحسن السيف والنطع والجلاد حرّك شفتيه، ثم أقبل على الحجاج وعليه جلال المؤمن، وعزة المسلم، ووقار الداعية إلى الله، فلما رآه الحجاج على حاله هذا هابه أشد الهيبة وقال له: هاهنا يا أبا سعيد.. هاهنا.. ثم ما زال يوسع له ويقول: هاهنا.. الناس لا يصدقون جيء به ليقتل، لقد طلب ليقتل والنطع جاهز، والسياف واقف، وكل شيء جاهز لقطع رأسه، ما الذي حصل؟ وكيف يستقبله الحجاج ويقول له: تعال إلى هنا يا أبا سعيد، حتى أجلسه بجانبه وودعه الى باب القصر

تبعه الحاجب وسأله ماذا كان يتمتم وهو داخل على الحجاج فأجابه

كنت أقول : ياملاذي عند كربتي ويا ولي نعمتي اجعل نقمة الحجاج علي بردا وسلاما كما جعلت النار على ابراهيم بردا وسلاما


التوحيد قوة، إذا كنت موحداً لا ترى مع الله أحداً ؟

ب

شيء ثان: العلم قوة، بل هو قوة هائلة، فالعلم يعطيك طاقة لا تتقيد بحدود الزمان والمكان، وتكسب صاحبها علواً ومنزلة، وتمهّد الطريق أمامه للرفعة في الدنيا والآخرة، والدليل:

﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾

[ سورة المجادلة: 11]

دخل سليمان بن عبد الملك الحرم المكي، ومعه الوزراء، والأمراء، والحاشية، وقادة الجيش، وكان حاسِرَ الرأس، حافِيَ القدَمَيْن، ليس عليه إلا إزارُهُ ورداءه، شأنُهُ كَشَأن أيّ حاجٍّ محرم من المسلمين، ومن خلْفِهِ ولدان ، وما إن انتهى خليفة المسلمين وهو أعظمُ مُلوك الأرض، من الطَّواف حول البيت العتيق، حتى مالَ على رجلٍ من خاصَّتِهِ، وقال مَن عالم مكة؟ هذا خليفة المسلمين كان يحكم ثلث الأرض ومع ذلك سأل من عالم مكة، فقالوا عطاء بن أبي رباح،: قال: أروني عطاء هذا، فالتقى به، فوجده شَيْخٌاً حبَشِيّاً، أسْوَدُ البشَرَة، مُفَلْفَلُ الشَّعْر، أفْطَسُ الأنف، إذا جلسَ بدا كالغُراب الأسْوَد، كأن رأسه زبيبة، مشلولاً نصفه، لا يملك من الدنيا درهماً ولا ديناراً، فقال سليمان: أأنت عطاء بن أبي رباح الذي طوّق ذكرك الدنيا؟ قال: هكذا يقولون، قال بماذا حصلت على هذا الشرف قال ،: باستغنائي عن دنيا الناس، وحاجتهم إلى علمي ثم اختلف سليمان وأبناؤه في مسألة من مسائل الحج، فقال: خذوني إلى عطاء بن أبي رباح، فأخذوه إلى عطاء وهو في الحرم، والناس متحلقون حوله، فأراد سليمان أن يجتاز الصفوف، ويتقدم إليه وهو الخليفة، فقال عطاء: يا أمير المؤمنين، خذ مكانك، ولا تتقدم الناس، فإن الناس سبقوك إلى هذا المكان، فلما أتى دوره سأله المسألة فأجابه، فقال سليمان لأبنائه: يا أبنائي، عليكم بتقوى الله، والتفقه في الدين، فو الله ما ذللت في حياتي إلا لهذا العبد.



:

أيها الأخوة، التوحيد قوة، والعلم قوة، والعبادة قوة، رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، اسمه جُليبيب، رجل فقير معدوم، عليه أسمال بالية، جائع البطن، حافي القدمين، مغمور النسب، لا جاه، ولا مال، ولا عشيرة، ليس له بيت يأوي إليه، ولا أثاث، ولا متاع، يشرب من الحياض العامة بكفيه مع الواردين، وينام في المسجد، وسادته ذراعه، وفراشه الأرض، هل هناك أقل من هذا؟ وكان في وجهه دمامة، لكنه صاحب ذكر لربه، وتلاوة لكتاب مولاه، لا يغيب عن الصف الأول في كل الصلوات، ولا في كل الغزوات، ويكثر الجلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم، أي هو واحد في الطبقة الدنيا الدنيا الدنيا، لا يملك شيئاً، لا يملك بيتاً، ولا مأوى، ولا ثياباً، ولا طعاماً، ولا شراباً، لا وسامة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم : يا جُليبيب ألا تتزوج؟ فقال : يا رسول الله ومن يزوجني؟ فقال رسول الله: أنا أزوجك يا جُليبيب.

جاء في يوم من الأيام رجلٌ من الأنصار، قد توفي زوج ابنته، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يعرضها عليه ليتزوجها، فقال له النبي: نعم، لما قال له نعم والد الفتاة اختل من الفرح، صارت ابنته زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن لا أتزوجها أنا، فسأله الأب: لمن يا رسول الله! فقال صلى الله عليه وسلم: أزوجها جُليبيباً، تصور إنساناً لا يملك شيئاً، لا يملك بيتاً لا جمالاً، فقال ذلك الرجل: يا رسول الله تزوجها لجُليبيب؟ انتظر حتى أستأمر أمها- يريد أن يخرج من الموضوع- ثم مضى إلى أمها، وقال لها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إليك ابنتك، قالت: نعم لرسول الله، ومن يرد النبي صلى الله عليه وسلم.. فقال لها: إنه لا يريدها لنفسه، قالت: لمن؟ قال: يريدها لجُليبيب !! قالت: لجُليبيب؟! لا لعمر الله، لا أزوج جُليبيباً، وقد منعناها فلاناً وفلاناً، فاغتم أبوها لذلك، ثم قام ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فصاحت الفتاة من خدرها، وقالت لأبويها: من خطبني إليكما؟؟ قال الأب : خطبك رسول الله.. قالت : أفتردان على رسول الله أمره؟ أي هل من المعقول أن يرد أمر النبي عليه الصلاة والسلام، هكذا كان أصحاب رسول الله، ادفعاني إلى رسول الله فإنه لن يضيعني، البنت وافقت - جُليبيب لا يوجد أدنى منه في المدينة، إنسان فقير، يعيش بالطرقات، ليس له بيت - ثم ذهب إلى النبي الكريم وقال: يا رسول الله شأنك بها... فدعا النبي، صلى الله عليه وسلم جُليبيباً ثم زوجه إياها، ورفع النبي صلى الله عليه وسلم كفيه الشريفتين، وقال: اللهم صب عليهما الخير صباً، ولا تجعل عيشهما كداً، ثم لم يمض على زواجهما عدة أيام حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في غزوة، وخرج معه جُليبيب، فلما انتهى القتال اجتمع الناس، وبدؤوا يتفقدون بعضهم بعضاً، فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: هل تفقدون من أحد؟ قالوا: نعم يا رسول الله نفقد فلاناً وفلاناً، ونسوا جليبيباً، ليس له مكانة إطلاقاً، فقال صلى الله عليه وسلم: ولكنني أفقد جُليبيباً.. فقوموا فالتمسوا خبره، فقاموا وبحثوا عنه في ساحة القتال، وطلبوه مع القتلى، ثم مشوا فوجدوه في مكان قريب، وقد استشهد، وقف النبي صلى الله عليه وسلم أمام جسده المقطع، ثم قال: أنت مني وأنا منك، تربع النبي صلى الله عليه وسلم جالساً بجانب هذا الجسد، ثم حمل هذا الجسد ووضعه على ساعديه، وأمرهم أن يحفروا له قبراً.. قال أنس: فمكثنا والله نحفر القبر وجُليبيب ليس له فراش غير ساعدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أنس: فعدنا إلى المدينة وما كادت تنتهي عدة زوجة جليبيب حتى تسابق إليها كبار الصحابة.




قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) . رواه مسلم (2664) من حديث أبي هريرة .

قال ابن القيم رحمه الله :

" فتضمن هذا الحديث الشريف أصولا عظيمة من أصول الإيمان :

أحدها : أن الله سبحانه وتعالى موصوف بالمحبة ، وأنه يحب حقيقة .

الثاني : أنه يحب مقتضى أسمائه وصفاته وما يوافقها ؛ فهو القوي ويحب المؤمن القوي ، وهو وتر يحب الوتر ، وجميل يحب الجمال ، وعليم يحب العلماء ، ومؤمن يحب المؤمنين ، ومحسن يحب المحسنين ، وصابر يحب الصابرين ، وشاكر يحب الشاكرين .

ومنها : أن محبته للمؤمنين تتفاضل فيحب بعضهم أكثر من بعض

ومنها : أن سعادة الإنسان في حرصه على ما ينفعه في معاشه ومعاده ، والحرص هو بذل الجهد واستفراغ الوسع ، فإذا صادف ما ينتفع به الحريص : كان حرصه محمودا ، وكماله كله في مجموع هذين الأمرين : أن يكون حريصا ، وأن يكون حرصه على ما ينتفع به ؛ فإن حرص على مالا ينفعه ، أو فعل ما ينفعه بغير حرص : فاته من الكمال بحسب ما فاته من ذلك ؛فالخير كله في الحرص على ما ينفع.

ولما كان حرص الإنسان وفعله إنما هو بمعونة الله ومشيئته وتوفيقه : أمره أن يستعين به ، ليجتمع له مقام إياك نعبد وإياك نستعين ؛ فإن حرصه على ما ينفعه عبادة لله ، ولا تتم إلا بمعونته ؛ فأمره بأن يعبده وأن يستعين به .

ثم قال : " ولا تعجز" ؛ فإن العجز ينافي حرصه على ما ينفعه ، وينافي استعانته بالله ؛ فالحريص على ما ينفعه المستعين بالله ضد العاجز ؛ فهذا إرشاد له قبل وقوع المقدور إلى ما هو من أعظم أسباب حصوله ، وهو الحرص عليه مع الاستعانة بمن أَزِمَّة الأمور بيده ، ومصدرها منه ، ومردها إليه .

فإن فاته ما لم يُقَدَّرْ له : فله حالتان : حالة عجز ، وهي مفتاح عمل الشيطان ؛ فيلقيه العجز إلى " لو " ؛ ولا فائدة في لو ههنا ، بل هي مفتاح اللوم والجزع والسخط والأسف والحزن ، وذلك كله من عمل الشيطان ؛ فنهاه صلى الله عليه و سلم عن افتتاح عمله بهذا المفتاح ، وأمره بالحالة الثانية ، وهي : النظر إلى القدر وملاحظته ، وأنه لو قُدر له لم يفُت ولم يغلبه عليه أحد ، فلم يبق له ههنا أنفع من شهود القدر ومشيئة الرب النافذة التي توجب وجود المقدور ، وإذا انتفت امتنع وجوده ؛ فلهذا قال : فإن غلبك أمر فلا تقل : لو أني فعلت لكان كذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل ؛ فأرشده إلى ما ينفعه في الحالتين : حالة حصول مطلوبه ، وحالة فواته ؛ فلهذا كان هذا الحديث مما لا يستغني عنه العبد أبدا ، بل هو أشد شيء إليه ضرورة ، وهو يتضمن إثبات القدر ، والكسب والاختيار ، والقيام والعبودية ظاهرا وباطنا ، في حالتي حصول المطلوب وعدمه ، وبالله التوفيق . "









-

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك


المصدر: شبكة ومنتديات همس الأطلال شبكة ومنتديات همس الأطلال Network Forum whispered ruins - من قسم: أطلال إيمانية عامة


hglclk hgr,d






آخر تعديل زرياب يوم 05-02-2015 في 09:59 PM.
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
المؤمن, القوي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الدعاء سلاح المؤمن نيروز أطلال إيمانية عامة 2 07-16-2012 12:04 AM
الاستبداد يشل القوى مطلع الشمس أطلال إيمانية عامة 2 05-15-2011 03:28 AM
برنامج الحماية القوي PC Tools Spyware Doctor 8.0.0.608 أبو نايف البرامج والإنترنت . (Software and Internet) 5 01-19-2011 04:54 PM
الثعبان وعقد اللؤلؤ نيروز أطلال الحكاية ( يحكى أن. ) 5 11-27-2010 12:18 PM
الصبر ...سلاح المؤمن همسة مشاعر أطلال إيمانية عامة 9 10-02-2010 09:15 PM

Facebook Comments by: ABDU_GO - شركة الإبداع الرقمية
Add Ur Link
منتديات همس الأطلال دليل مواقع شبكة ومنتديات همس الأطلال مركز تحميل همس الأطلال . إسلاميات
ألعاب همس الأطلال ضع إعلانك هنا . ضع إعلانك هنا . ضع إعلانك هنا .

flagcounter


الساعة الآن 09:52 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
.:: تركيب وتطوير مؤسسة نظام العرب المحدودة ::.
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع الحقوق محفوظة لـشبكة ومنتديات همس الأطلال