أطلال اللغة والأدب العربي . يختص بكل ما له شأن بالأدب العربي بجميع أقسامه وفروعه من لغة وأدب وبلاغة وفصاحة وبيان ومحسنات بديعية وغيرها من الفنون الأخرى مما يندرج تحت تصنيف ( الأدب ) |
الإهداءات |
#1
| |||||||
| |||||||
حضارتنا اللغوية وأثر عقدة النقص في عالمنا العربي . في شتاء عام ألفين وعشرة، قررت ترك العمل في "جنوب الجنوب" وحزمت متاعي منتقلاً من مهجر إلى آخر. قررت الانتقال من بلاد قوس قزح إلى جزيرة العرب. كان من أهم دوافع القرار أن لدي عصفورة ( ابنتي ) في عامها الرابع، وكنت أوقن أني لو بقيت في ديار العجم لصارت لغتها الأولى اللغة الإنكليزية. وأنا رجل لا يضيق بشيء ضيقه أن يشقى عقديْن كيْ يربي سمسارا حضاريا في أحسن الحالات.. كانت ليلى تدرس في روضة تعتبر عريقة وممتازة، فقد كانت خاصة بالبيض أيام التمييز العنصري. دخلتُ إلى المدرسة في أحد الصباحات الوضاءة بجوهانزبيرغ، فخرجت لي سيدة بيضاء تتهادى في عقدها الرابع ما زلت أذكر أنها تدعى "جاكي". بادرتني قائلة: "سمعت أن ليلى ستغادر. لدي وصية واحدة: احرص على أن لا تدرس بنتك إلا في مدارس أمريكية أو بريطانية محضة". بادلت السيدة ابتسامتها التجارية بابتسامة ورددتُ: "سرّ تركي لهذه الديار هو الخوف من أن تظل ليلى تدرس بالإنكليزية فقط ، مما سيحرمها من لغة تختزن أربعة عشر قرنا من الثقافة والفكر والتاريخ. إنها اللغة الوحيدة على ظهر الأرض التي يوجد بها كتاب سماوي بنصه الأصلي هي لغتي التي أهوى.. اللغة العربية. إنها لغة عتيقة تختزن الذاكرة الجمعية لبني قومي، ولو فات بنتي إتقانها وهي صغيرة لن تتقنها وهي كبيرة. كنت أتحدث بتدفق كأني أطارد ثاراتي مع كل بلهاء الآباء الذين يضج بهم العالم العربي. ثم كان مما قلت لجاكي أني أشجع دراسة اللغات الأجنبية وأني أومن – كما قال عبد الرحمن بدوي- بأن اللغات كالبنيان يشد بعضها بعضا، لكني أحرص على لغتي من أي لغة أخرى ولن أتمكن من الاطمئنان على لغة بنتي إذا ظلت في محيط إنكليزي ضاغطٍ ثقافيا. وبفضل الله- ثم بفضل قراري ذاك - ها هي ليلى اليوم تتحدث لغة عريبة صقيلة إضافة إلى تعاطٍ مميز مع لغة أجنبية. تذكرت هذه القصة قبل أيام وأنا أقرأ تغريداً لزميلتي الإعلامية ديمة الخطيب. كتبت ديمة على صفحتها العبارات التالية: "تحدثت مع طفل عربي بالعربية فرد بالانكليزية، أصررت على العربية، فقال: دونت يو سبيك انغليش؟ قلت: لا. فسخر مني أمام الأطفال: شي دازنت نو انغليش". وللعلم فإن الزميلة ديمة تتقن خمس لغات، لكن لديها حسا حضاريا شفافا، ولا تعاني من عقدة النقص التي تكبل معظم الخريجين ( يسميهم السفهاء ب"المثقفين") في ديارنا. قرأت ذلك التغريد فتذكرت حجم أثر عقدة النقص التي تأكل مجتمعاتنا في العالم الثالث، وخصوصا في العالم العربي. متى سيفهم العرب أن الأمم لا تتحرر ثقافيا واقتصاديا إلا إذا تحررت من عقد النقص ونظرت إلى الحياة من خلال ثقافتها الذاتية وشرحتها بلغتها الخاصة لا بعدساتٍ وألسنةٍ مستعارة؟ إن التغيير يبدأ باحترام الإنسان لذاته. فقد ظل العبيد تاريخا يمثلون ستين في المائة من سكان المدن الكبرى إلا أنهم ظلوا في قيد الأسر بسبب اقتناعهم بأنهم عبيد... لكنهم تحرروا وتحررت معهم البشرية عندما نظروا إلى أنفسهم باحترام. متى نحترم ذواتنا؟ أحمد فال ولد الدين منقول . ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك المصدر: شبكة ومنتديات همس الأطلال شبكة ومنتديات همس الأطلال Network Forum whispered ruins - من قسم: أطلال اللغة والأدب العربي . pqhvjkh hggy,dm ,Hev ur]m hgkrw td uhglkh hguvfd > |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدليلية (Tags) |
اللغوية, العربي, النقص, حضارتنا, عالمنا, عقدة, وأثر |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
ما هي البرمجة اللغوية العصبية ؟ | ما يكبرني لقب | ومضات في تطوير الذات . علم النفس . علم الاجتماع . | 2 | 01-02-2013 04:29 AM |
فن النقش على الأحجار الكريمة في النجف | اسير الصمت | أطلال علم النحت على الأحجار الكريمة Glyptic Art | 6 | 12-17-2012 05:53 PM |
عقدة أليكترا | المؤيد | أطلال الحكاية ( يحكى أن. ) | 1 | 04-11-2012 01:21 AM |
عقدة المطر .. | وردة الرمال | أطلال أقلام وإبداعات الأعضاء ، عصارة فكر وبراعة قلم ( يمنع المنقول ) . | 2 | 02-21-2011 01:09 AM |
من تراثنا العربي | أبو ذكرى | فضاءات وآفاق بلا حدود . | 2 | 10-11-2010 09:53 PM |
Add Ur Link | |||
منتديات همس الأطلال | دليل مواقع شبكة ومنتديات همس الأطلال | مركز تحميل همس الأطلال . | إسلاميات |
ألعاب همس الأطلال | ضع إعلانك هنا . | ضع إعلانك هنا . | ضع إعلانك هنا . |