المثقفون السعوديون..الحاجة لحضور لائق!

لائق! , لحضور , المثقفون , السعوديون..الحاجة

المثقفون السعوديون..الحاجة لحضور لائق!

بروفايل "سبق" - خاص: في يناير 2012 أثار عضو مجلس شورى سابق الجدل عندما وصف المثقف السعودي بالأقل تأثيراً في مجتمعه وأيضاً عربياً. نافياً وجود مفكر سعودي، ومتهماً المثقفين بتأسيس قبلية ثقافية تشبه الشللية في تعاملها مع البرامج والفعاليات الثقافية.

الأكيد أن المشهد الثقافي السعودي مازال يدور في العديد من المتاهات ويشهد صراعات بين المثقفين والأدباء من جهة، وبين الأخيرين والأكاديميين من جهة ثانية وبينهم وبين وزارتهم من جهة ثالثة.

وخلال العقد الأخير يمكن رصد أن مطالبات المثقفين والأدباء لم تتوقف مابين المطالبة بأن يكون للثقافة هوية وحدها، وتنشأ لها وزارة مستقلة. مروراً بمطالبات مثل اتحاد الكتاب وصندوق الأدباء وما أشبه.

غير أن "التأزم" لم يتوقف والمناوشات لم تهدأ حتى أصبح من المعتاد أن يتناقل الإعلام أوصافاً من المثقفين لوزارتهم بأنها تواصل "التخبط" و"غير المؤثر"، و"الأداء المضطرب".

هذا فيما تسببت خطوة الوزارة بإصدارها لائحة الأندية الأدبية وإجراء انتخابات لمجالس الأندية في إحداث بلبلة كبرى وصلت لشكوى الوزارة في المحاكم. فيما التفريعات في الخلافات ظهرت حتى داخل الفريق نفسه، لتبقى الضحية هي الثقافة بشكل عام.

- عجز المثقفين:
حول ذلك يعلق الأديب والناقد سعيد السريحي بصراحته المعهودة :" أفضت الخلافات التي عصفت بمجالس بعض الأندية الأدبية إلى تعطيل الأنشطة الثقافية. وعكست صورة سيئة تتمثل في عجز المثقفين عن إدارة شؤون الثقافة". مضيفاً:" ذلك يعني أن ما يحدث في الساحة الثقافية من شأنه أن يعد خذلاناً للشعب بأكمله، وتشويهاً لصورة المواطنين جميعهم".

هذا فيما يقول الكاتب علي فايع الألمعي: "..كلّما تجاوزت الأندية الأدبيّة عقبة أوقعتها مشكلات المثقفين ورقابة المجتمع وسطوته وسلطته في حُفَر!..لا شيء يرضي المثقفين كما يتداول النّاس. اليوم تعود الأندية الأدبيّة إلى حياة النّاس بمشكلات لا أول لها ولا آخر".

من جهته يقول الشاعر محمد زايد الألمعي: "ما زلت أرى أنّ وزارة الثقافة والإعلام بذهنيّتها وكوادرها التي تشكّلت على مدى سنوات طويلة لخدمة موضوع الإعلام منفرداً، لا تصلح أبداً لخدمة ورعاية الثقافة".

هذا فيما يتساءل الكاتب علي القاسمي "هل هذه الأسماء قادت بالفعل المؤسسات الأدبية، وكانت فاعلة فيها ومحسوبة على الثقافة والأدب".

أما الدكتور عبدالكريم الزهراني عضو مجلس إدارة النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية فيرى أنه " فشل ذريع يتحمله المثقفون، ويجب عليهم مد أيديهم لبعضهم البعض فالقواسم المشتركة كبيرة وكثيرة".

الاختلاف حول زاوية الرؤية لذلك موجود.. يقول الدكتور عبدالرحمن المحسني: "في الانتخابات الأخيرة تحاول الجمعيات العمومية إقناع الوزارة بوجود خلل وخطأ مقصود أو غير مقصود في الانتخابات والوزارة تتعمد الصمت. والأندية تتهاوى..".

أما الدكتورة عائشة الحكمي أستاذة الأدب بجامعة تبوك وعضو أدبي تبوك فتحاول تفسير الأمر بطريقة أن المثقف لا يمكنه الحديث عن حقوق الناس مالم يحصل على حقوقه :" إذا وصلت قضايا الأدباء إلى المحاكم فهذا أمر طبيعي، فللأديب حقوق انتهكت".

أيضاً المقارنة مع الجيل القديم من المثقفين موجودة. يقول الروائي حسن الشيخ: " كان تاريخنا الأدبي مع عمالقة الفكر والأدب؛ حيث لم نسمع يوماً شجاراً أوصل للمحاكم. الحوار صنيعة الأدباء والمثقفين، لذلك كان من الأولى لهم أن يبقوا بعيداً عن التجريح والشخصنة".

ويشاركه قريباً من ذلك الأديب القاص محمد المنصور الشقحاء بقوله: " اللوائح والأنظمة لم تتعامل مع الأدباء والمثقفين بما يدل على الاحترام والتقدير للمنجز. تبادل الشتائم والتخوين جاء من أفراد غير مؤدبين".

وزير الثقافة والإعلام د. عبدالعزيز خوجة تحلى بصبر كبير واستمرت تأكيداته على ثقة الوزارة في المثقفين والأدباء لاحتواء قضاياهم. وذهب لأبعد من ذلك عندما شارك العديد من المثقفين الأمنيات لفصل "الثقافة" عن وزارته الحالية، وإن طالبهم بتحمل مسؤولياتهم.

من ناحية أخرى وُضعت مجالس الأندية الأدبية الـ 16 أمام حقيقة أن الكرة في ملعبهم بعدما دعمهم خادم الحرمين الشريفين بمبلغ 10 ملايين ريال لكل ناد أدبي، فيما أكدت الوزارة أنها لن تتدخل وأن كل ناد مسؤول عن صرف تلك المبالغ المالية".

- الانتخابات والتيارات:
أيضاً المأزق الانتخابي لم يكن تجربة مرضية حتى للأغلبية بل إنها أفرزت بحسب المتابعين صراع تيارات. كما ظهر ماسمي بصراع الأدباء والأكاديميين على منصة وصفت بالأدبية في المقام الأول.

يقول الناقد حامد بن عقيل: " الانتخابات وضعت عدداً كبيراً من مثقفينا أمام حقيقة أنهم يعانون من أمراض ومعضلات لا علاج لها...وزارة الثقافة والإعلام لا تعرف ما تريد ولا إلى أين تتجه، فكل خلل داخل الأندية الثقافية للوزارة يد فيه".

فيما ترى الدكتورة أميرة كشغري أن "ثقافة الديموقراطية لدينا طارئة وحديثة، ولم تتبلور بعد. واقع الأندية الأدبية في ظل هذه المعطيات هو محزن، بسبب عدم وجود جدية، وعدم تحول الثقافة إلى قيمة".

وبالفعل تجلى الصراع واضحاً وظهر التراشق إلى بعد أكثر من غير اللائق، وغاب حضور الجمعية العمومية ودخلت إدارة الأندية الأدبية في جدلية واسعة، فيما توالت سلسلة من الاستقالات.

أما سعود البلوي - الكاتب الصحفي فيرى أن الخلاف قد يتجاوز إلى: " تأليب الرأي العام أو السلطة السياسية على الطرف الآخر".

- صراع الأكاديمي والأديب:
ولعله يمكن القول إن من أبرز القضايا التي أساءت لصورة المثقف السعودي في هذا الحراك كان السؤال من هو الأحق بتمثيل المشهد... الأكاديمي أم الأديب؟ :

حول ذلك يقول الأديب عبدالله الخشرمي لـ"ثقافية" الجزيرة :" تجد أن الأكاديمي قد تمترس خلف حرف الدال وصار يظن أن كلمة أكاديمي تمنحه قدرة إلهية أن يصبح مثقفاً من الهواء..الإشكالية ليست في المسميات، وإنما في خلق صراع من أجل البحث عن كرسي، وكل يتلبس بمظهر الأديب أو الأكاديمي".

أما رئيسة اللجنة النسائية بنادي جدة الأدبي الدكتورة فاطمة إلياس فتبرر حضور الأكاديميين في مجالس إدارات الأندية بأنهم: " مهمومون بالشأن الأدبي والقضايا الأدبية أكثر من غيرهم من المشتغلين بالأدب.".

عكس ذلك تقريباً يقول الشاعر والأكاديمي بجامعة الملك خالد أحمد التيهاني: "أصبحَ المؤرّخون والجغرافيّون والجيولوجيّون يديرون الفعل الثقافي المتعلّق بالأدب!".

بدوره يقترب الروائي صلاح القرشي كثيراً من ملامسة الرؤية العامة وإن بدت متشائمة قليلاً: " في الفترة الأخيرة معظم الأندية الأدبية ليس لها علاقة بالأدب والثقافة وسيطرت العناصر الأكاديمية منقطعة الصلة بالواقع الثقافي والأدبي فبدت الأنشطة لا تختلف عن المحاضرات الجامعية كثيراً".

- تلمس الخيبة:
وعلى صعيد تلمس مدى "الخيبة" إن صح التعبير التي يعكسها وضع المشهد الثقافي السعودي، يستبعد القاص جبير المليحان رئيس نادي المنطقة الشرقية الأدبي السابق أن يحصل أي مثقف سعودي على جائزة نوبل للآداب متهماً وزارة الإعلام التي "غابت عنها الرؤية الثقافية". هذا بالرغم من أن العديد من الأدباء السعوديين حققوا منجزات عربية وعالمية.

هذه التركة الثقيلة يشعر بها فعلاً المدير العام الجديد لإدارة الأندية الأدبية حسين بافقيه الذي استبق الفشل بتأكيده أنه لا يملك عصاً سحرية ويقول: " أنا غير راض عن لوائح الأندية الأدبية التي لا يجب أن تكون فروعاً للجامعات ويجب أن تستقل عن الأكاديميين والأسماء التي تتكرر في كل الندوات المقامة".

وما من شك أنه في هذه المرحلة المتغيرة وفي ظل انفتاح ثقافي ومعرفي متزايد وفي عصر الإعلام الجديد المتعدد الوسائل ليس المنتظر من المثقف السعودي البقاء في منطقة "العيب" هذه في ظل مسؤوليات يتوقع أن يكون هو أول من يتصدى لها تنويراً وحضوراً تتفق وسمات المجتمع السعودي وعاداته وتقاليده وظروف المرحلة.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

المصدر: شبكة ومنتديات همس الأطلال شبكة ومنتديات همس الأطلال Network Forum whispered ruins - من قسم: فضاءات وآفاق بلا حدود .

---

hglert,k hgsu,]d,k>>hgph[m gpq,v ghzr!