محاجة إبراهيم لأبيه .

لأبيه , محاجة , إبراهيم

محاجة إبراهيم لأبيه .

عبد السلام التركي - تونس

إن الرسول إبراهيم عليه السلام كان من بين من اصطفاهم الله وكرمهم بالرسالة وخص بها الكثيرين من ذريته إلى الرسول محمد قد أشارت لذلك عدة آيات قرآنية. ومن بينها قوله تعالى:

«إنَّا أوحينا إليك» والخطاب إلى الرسول محمد عليه السلام «كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده. وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط (1) وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورا. ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما» سورة النساء. الآيتان 163 ـ 164

2) [إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ] سورة آل عمران. الآيتان 33 ـ 34

3) [ ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب ] سورة الحديد آية 26..

4) [ ووهبنا له إسحاق ويعقوب ] ـ في معرض الكلام عن الرسول إبراهيم عليه السلام ـ [ كلاً هدينا ونوحا هدينا من قبل. ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون. وكذلك نجزي المحسنين. وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين. وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين. ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ] سورة الأنعام. الآيات 84.. وإن الرسول إبراهيم عليه السلام تفرعت أحفاده.

الديانات الثلاث:

أ) اليهودية وهي التي جاء بها الرسول موسى عليه السلام حسب الكتاب المنزل عليه في شأنها وهو التوراة التي تعرض إليها القرآن في كثير من الآيات. ومن ضمنها قوله تعالى.

[ إنَّا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء]. سورة المائدة /آية 44..

ب) النصرانية وهي التي جاء بها الرسول عيسى عليه السلام حسب الكتاب المنزل في شأنها وهو الإنجيل الذي أشار إليه قوله تعالى:

[ وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتقين ]. سورة المائدة / آية 46..

ج) الإسلام وهو الذي جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعا حسب الكتاب المنزل في شأنه وهو القرآن الذي جاء بذكره العديد من الآيات ومن بينها

قوله تعالى:

1) [ وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق، لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ]سورة المائدة الآية 48..

2) [إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد] سورة القصص الآية 85

3) [ قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ](والخطاب إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم) سورة الأعراف الآية 158.

4) [يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير، قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين]» .(والخطاب موجه إلى اليهود والنصارى) سورة المائدة. الآية 15..
ولقد شاءت إرادة الله تعالى أن تتفجر بيت آزر المعهود إليه برعاية الأوثان والأصنام من طرف مليكه النمروذ مدعي الربوبية والموسوم بالظلم والجبروت والطغيان وذلك عن الرسول إبراهيم عليه السلام الذي خصه الله بالرسالة لإخراج آله وقومه من عبادة الأوثان والأصنام إلى عبادة الله العظيم المتعال فلاقى في ذلك المكر والعناد والطغيان فأيده الله بنصره فأدى الأمانة وبلغ الرسالة رغم شديد مكر النمروذ وقوة بطشه وشدة كفره. وقد جاء في ذلك قوله تعالى:

[ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي(2) وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر]» سورة البقرة الآية 258.

كما تعرض الرسول إبراهيم عليه السلام للتعذيب بالسجن والحرق بالنيران فكانت عناية الله ترعاه ورحمته تحيط به فخرج من جميع ذلك معافى ومؤيداً بنصر الله الذي خاطب النار بقوله لها:

[ قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين ]» سورة الأنبياء الآيتان 69 ـ 70.

وقد كشفت بعض الآيات القرآنية عن الطريقة التي سلكها الرسول إبراهيم عليه السلام في هداية أبيه وقومه إلى عبادة الله وحده وتسفيه أحلامهم في عبادة الأصنام.

ومن ذلك ما جاء بقوله تعالى:

أ) [واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا(3) نبياً إذ قال لأبيه يا أبت (4) لِمَ تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا. يا أبت إني قد جاءني من العلم(5) ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا. يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا. يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا. قال أراغب(6) أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك(7) واهجرني مليا]»سورة مريم الآية 46»

ب) [ولقد آتينا إبراهيم رشده(8) من قبل وكنا به عالمين. إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون. قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين(9) قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين. قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين. قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين(10)]»سورة الأنبياء. الآيات 51ـ 56

ج) [وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة(11) إني أراك وقومك في ضلال مبين. وكذلك نُري(12) إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين. فلما جن(13)عليه الليل رأى كوكباً(14) قال هذا ربي(15) فلما أفل قال لا أحب الآفلين(16)فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين(17) فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون. إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً(18) وما أنا من المشركين]» سورة الأنعام. الآيات 74 ـ 79.

د) [وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا(19) وسع ربي كل شيء علما(20) أفلا تتذكرون]» سورة الأنعام. الآية 80 « تلك آيات من الذكر الحكيم تميط اللثام عن الطريقة التي سلكها الرسول إبراهيم عليه السلام بهدي من الله في مجادلة قومه ومحاجتهم في بطلان عبادة غير الله من الأجرام والأوثان. وفي إرشادهم إلى عبادة الله وحده دون سواه.

وقد استعمل فيها عامل الحس والمشاهدة مع استخدام العقل والمنطق مثبتاً بجميع ذلك أن ما سوى الله مما هو قابل للوجود والعدم والظهور والاختفاء ولا يقوم بذاته لا يستحق العبادة ولا يستوجبها لأنه قاصر ومحدث وله محدث وموجد وهو الله ذو الجلال والإكرام.

وإن في إيراد القرآن لجميع ما حصل أثناء محاجة إبراهيم لأبيه وقومه مما تضمنته الآيات المذكورة لإعجاز في جانبه لكونه يدخل في علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله المرسل رسوله بدين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.

ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

المصدر: شبكة ومنتديات همس الأطلال شبكة ومنتديات همس الأطلال Network Forum whispered ruins - من قسم: أطلال القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة .

---

lph[m Yfvhidl gHfdi >