بعد سنتين من الكارثة.. جدة تختبر سدودها بموسم الأمطار

الأمطار , الكارثة.. , بموسم , تختبر , سدودها , سنتين

بعد سنتين من الكارثة.. جدة تختبر سدودها بموسم الأمطار

أفرجت الجهات المختصة في جدة، عن 85% من المخططات، وقطع الأراضي الواقعة شرق المحافظة، التي تم إيقاف عمليات البناء فيها، بعد كارثة السيول في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2009.
وبدأت أمانة جدة في منح تصاريح البناء والتعمير، لملاك المخططات المفرج عنها، بعد التأكد من أن هذه المخططات خارج نطاق مجرى السيول، ولا تشكل خطرا في الفترة القادمة مع هطول الأمطار، وذلك بحسب الجهة الاستشارية التابعة لإمارة منطقة مكة المكرمة، المخولة بدراسة أوضاع هذه المخططات وبعدها عن مجرى السيول.
وأوضح الدكتور عبد العزيز النهاري، المتحدث الرسمي بأمانة مدينة جدة، أن عملية التحفظ على المخططات من اختصاص الجهة الاستشارية، التابعة لمشاريع الأمطار وتصريف السيول في إمارة منطقة مكة، التي تقوم بدراسة هذه المخططات، وفي حال تم التأكد من أن هذا المخطط بعيد عن مجرى السيل يتم الإفراج عنه.
وأردف النهاري قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «اتضح بعد عملية الإفراج وإبلاغ الأمانة أن المخطط سليم، ولا يقع على مجرى السيل، وتقوم الأمانة بمنح تصاريح البناء للراغبين في التعمير من ملاك هذه المخططات، وبلغت نسبة الإفراج لأكثر من 85% من المخطط».
وفي سياق متصل، تتحرى إدارة مشروع مياه الأمطار وتصريف السيول في جدة، مع قاطنيها هطول الأمطار؛ للتأكد من نجاعة السدود الخمسة، التي تم الانتهاء منها، وتتمثل في «سد وادي غايا، سد وادي أم حبلين، سد وادي دغبج، سد وادي بريمان، سد وادي غليل»، وقدرتها على تصريف الأمطار والسيول، التي من المتوقع أن تجري بمجرد هطول الأمطار على جدة، خلال هذه الأيام بحسب توقعات الأرصاد.
* السدود الخمسة
* ويعول سكان جدة على السدود الخمسة وملحقاتها، من سدود مرادفة، ومفيض للسدود ومجاري تصريف السيول والطرق، التي سترفع بدورها الطاقة الاستيعابية لمجاري تصريف السيول الشمالية والجنوبية والشرقية، مع القنوات الجديدة لتصريف مياه الأمطار بمحاذاة مطار الملك عبد العزيز الدولي، والبالغ تكلفتها نحو 3.388 مليار ريال، في إبعاد شبح الكارثة قبل أربعة أعوام، وما زالت عالقة في الأذهان.
وقال المهندس أحمد بن عبد العزيز السليم، مدير عام مشروع مياه الأمطار وتصريف السيول في جدة، التابع لإمارة منطقة مكة، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»: «نترقب النتائج الفعلية والإيجابية من إقامة السدود الخمسة وملحقاتها، في تصريف مياه الأمطار»، لافتا إلى دراسة تجري لمعرفة الجدوى الاقتصادية من تخزين مياه الأمطار والاستفادة منها»، وأضاف: «هذه المشاريع الاستثمارية تعتمد على كميات الأمطار التي تهطل على جدة وبشكل دائم، فإذا كانت الأمطار متقطعة وبنسب مختلفة فإن إنشاء مثل هذه السدود يكون غير مجد في مثل هذه المناطق».
وأكد المهندس السليم، أن الأولوية تتمحور في تصريف السيول، لإيجاد طرق الاستفادة من الأمطار.. وما تبقى هو مشروع قنوات الأمطار لتصريف مياه الأمطار، والذي سينطلق فيه العمل الفعلي مع نهاية العام الهجري الجاري.
ولفت المهندس السليم، إلى أن مشاريع الحلول العاجلة رفعت كفاءة البنية التحتية، في معالجة مياه الأمطار والسيول، التي قد تتعرض لها جدة مستقبلا، خصوصا من الأمطار الخارجية المحمولة من شرق جدة، وذلك بعدما تم تنفيذها منذ مطلع العام المنصرم، بواقع 14 مشروعا، إضافة إلى 8 مشاريع تصريف الأمطار والسيول.
* الذكرى الأليمة
* «كارثة جدة»: «الأربعاء الأسود»، وأسماء أخرى أطلقت على عروس البحر الأحمر حينما غرقت في مياه الأمطار التي هطلت عليها أواخر عامي 2009، 2010. ولا تزال تبعاتها مستمرة حتى اليوم، سواء على سكان العروس، أو الهيئات والجهات الحكومية التي تسعى حتى اللحظة لمعرفة المتسبب في تلك الكارثة؛ لمحاسبته على الذكريات الأليمة التي تركها في أذهان سكانها، والدمار الذي ألحقه بأشخاصها قبل شوارعها وأحيائها. يعود الدكتور عبد العزيز النهاري، المتحدث الرسمي لأمانة مدينة جدة، ليؤكد على أن مشروع تطوير وسط جدة، يخضع لإعادة صياغة من جديد، ويجري إعادة الدراسة لهذا المشروع الكبير، خاصة أن الدراسة السابقة لم تفِ بكافة المتطلبات وبالغت في هذا المشروع، وستعتمد الدراسة الجديدة على أربعة عناصر هامة، لم ترتكز عليها الدراسة السابقة وهي «الواقع، الإمكانيات، التنفيذ، التكلفة».
وعن بحيرة المسك، لفت المتحدث الرسمي لأمانة جدة، أن بحيرة المسك تحولت لمشروع «الغابة الشرقية» وهناك مدينة متكاملة سيتم إنشاؤها في شرق المحافظة تحت مسمى «مدينة ورود جدة»، وهذا المشروع في مرحلة متقدمة، ويتبقى اعتماد المخطط العام من وزارة الشؤون البلدية والقروية، ويتوفر في هذا المخطط كافة الخدمات الأساسية من مدارس وجامعة وبنية تحتية متكاملة.
كارثة جدة كانت لها تبعات كثيرة، فقد أصدر خادم الحرمين الشريفين، توجيها واضحا وصريحا، في فتح تحقيق موسع، يشمل كافة المتورطين من مسؤولين ورجال أعمال وموظفين، وهو الأمر الذي قامت به لجنة تقصي الحقائق بإيقاف عدد كبير من كبار المسؤولين ورؤساء الأقسام بأمانة محافظة جدة، ورفع التقارير ونتائج التحقيقات معهم لخادم الحرمين الشريفين؛ لاتخاذ اللازم بشأن من تثبت مسؤوليته عن تلك الكارثة.
* محاكمة المتورطين
* وكانت قد صدرت عدة أحكام حيال بعض المتورطين خلال العام الماضي، ولا تزال المحاكمات مستمرة حتى اللحظة، كما أنهت محكمة الاستئناف الإدارية بجدة مؤخرا إعداد خطابات التبليغ بأسماء المتورطين بكارثة سيول جدة، التي تسببت في مقتل أكثر من 150 مواطنا ومقيما خلال عامي 2009 و2010، والذين تم تأييد الأحكام القضائية تجاههم، تمهيدا لرفعها لإمارة منطقة مكة المكرمة؛ لتنفيذ عقوبة السجن والغرامة الصادرة ضدهم.
وأنهت محكمة الاستئناف الإدارية مؤخرا، صياغة خطاب التبليغ ضد مساعد أمين أمانة جدة، ورجل أعمال رئيس ناد سابق، بعد أن أيدت محكمة الاستئناف الإدارية بجدة الحكم الابتدائي، الذي أصدره قضاة الدائرة الجزائية الثالثة، المختصة بمحاكمات السيول، والمحكمة الإدارية بديوان المظالم، والذي قضى في حينه بسجن كل واحد منهما 5 سنوات، وغرامة 700 ألف ريال، وأكدت أن خطاب التبليغ بصدد رفعه لإمارة المنطقة، تمهيدا لتنفيذ العقوبة ضد الأسماء التي تضمنها.
وشهدت القضية قبل النطق بالحكم الابتدائي فيها مداولات متواصلة، حيال جريمة الرشوة التي قدمها رجل الأعمال، لمساعد الأمين المذكور المقدرة بمبلغ 700 ألف ريال، واتهم بتقديمها لقاء تسريع معاملات الأرض، التي ادعى شراءها في أحد المواقع شمالي جدة، وعثر على المبلغ المذكور، تزامنا مع التحقيقات الأولية لكارثة سيول جدة، في منزل قيادي الأمانة، وعثر أيضا على مبلغ 4 ملايين ريال في حساباته البنكية، وهي المبالغ التي حاول تبريرها، أثناء دفوعاته بالمحكمة الابتدائية، تحت ذريعة أنها تخص جميع أفراد أسرته من إخوته وأخواته وأقربائه، الذين فضلوا أن يدخروا أموالهم.
هذه القضايا والمحاكمات دفعت عددا من الأسر للحديث مع «الشرق الأوسط» حول معاناتهم، فتقول فاطمة حمد، أم لأربعة أطفال في العقد الرابع من عمرها، والتي فقدت زوجها في كارثة جدة الأولى: إن زوجها غرق في سيول جدة الأولى، وكان بداية ذلك اليوم ممتعا، إلى أن بدأت الأمطار تشتد، فأمرنا بمغادرة المنزل فورا، وطلب منا الذهاب في سيارة جارنا ريثما يجهز سيارتنا، فذهبنا مع الجار ونجونا، لكن للأسف زوجي لم يعد ولم نره بعدها؛ فقد جرفه السيل وتوفي غرقا.
وتضيف فاطمة، أن مأساتها استمرت بعد أن دمر منزلها وجميع ممتلكاتها، مما اضطرها إلى أن تسكن هي وأبناؤها في منزل أختها، وها هي الآن تتحمل مسؤولية أبنائها الأربعة، ورغم التعويض الذي صرف لهم، فإن ذلك لم يعوضهم عن زوجها، ولم تشف جروحهم التحقيقات التي جرت؛ لتكشف عن المتسببين في تلك الكارثة حتى اليوم.
* صور من المآسي
* مريم قيراط، ابنة سناء أبو الغيث، الداعية والمشرفة التربوية بوزارة التربية والتعليم، والتي فقدت جميع أفراد أسرتها في الكارثة، حيث ذهبت مريم وعائلتها لأداء فريضة الحج، وعندما وردتهم أنباء عن وجود سيول بجدة، قالت: «حاولت الاتصال بأهلي دون جدوى، فقمت بالاتصال على زوج أختي ليذهب إلى المستشفى، وعندما وصل وجد النبأ الأليم، بأن والدتي وإخوتي السبعة توفوا جراء السيول»، وأضافت «نحن مؤمنون أن هذا قضاء الله وقدره».
الطفلة أصيلة، فقدت أسرتها في السيول، ولم يتبق منهم أحد، وها هي تعيش اليوم مع عمها، الذي أصرت أن تبقى في منزله ليلة هطول الأمطار، بعد أن غادر والداها وإخوتها منزله.
يقول عمها: إن ليلة الحادثة كان شقيقه وأسرته متواجدين في منزله؛ لتناول طعام العشاء، وعندما سمع بمداهمة السيول للحي الذي يقطنه قرر الذهاب لمنزله، إلا أن ابنته أصيلة رفضت الذهاب معهم، وأصرت أن تبقى مع أبناء عمها».
واستطرد: صباح اليوم التالي، حاولت الاتصال على هاتف شقيقي النقال، إلا أنه كان مغلقا، وتوقعت أن تكون الأمطار قد ألحقت الضرر بمنزله، المكون من طابق واحد، وبعدها بساعات اتضح الأمر، فقد توفي أخي وزوجته وأبناؤه، غرقا بمياه السيول، ولا تزال أصيلة تسكن مع عمها وأبنائه. ويتواجد في مخطط أم الخير نحو 84 «فيللة» سكنية، تتفاوت الأضرار التي حلت بها حسب موقعها وقربها من السد الخراساني، فيما تم إنقاذ أكثر من 200 شخص في مخطط أم الخير، طوقتهم المياه من كل الجوانب، وتم انتشالهم عن طريق طائرات الهليكوبتر وقوارب النجاة، ورغم أنه لم يكن هناك أي وفيات تذكر، ولكن الأضرار كثيرة وخاصة عند الأطفال الصغار وكبار السن، فيما وصل ارتفاع منسوب المياه في بعض الفيللات إلى أكثر من 150 سم.
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك

المصدر: شبكة ومنتديات همس الأطلال شبكة ومنتديات همس الأطلال Network Forum whispered ruins - من قسم: فضاءات وآفاق بلا حدود .

---

fu] skjdk lk hg;hvem>> []m jojfv s],]ih fl,sl hgHl'hv