صرعى الموت
 
اقترب  الليل من لحظة الوداع ، يودع الكون إذاناً للنهار بالسطوع على وجه البسيطة  ، عندما تتسلل أشعة الشمس الصفراء في استحياء من خلال المشارق ، لتلقي  بضوئها وتلقي معه بتطلعات بشر شأنهم شأن النجوم الطوالع ، وكل فرد من أفراد  العالم له تطلع وتوجه يختلف عن الآخر وإن اتفقت في جزيئات فهي حتماً  ستختلف في جزيئات أخرى . 
آمال وتطلعات عريضة نجوب الأرض طولاَ وعرضاً لنحققها ، وهي كسراب بقيعة  كلما اقتربنا منه ابتعد وربما ذهب وزال ، نعلم أشياء ونجهل في مقابلها  أشياء ، نعلم الرزق ونجهد أنفسنا في البحث عنه والجري خلفه في ملحمة طويلة  لا تنتهي ، نسعى لجمع المال ونبسط يدنا لنأخذه ، ونغلها كي لا نعطي منه  شيئاً لأهله الذي لهم في أموالنا حق معلوم - السائل والمحروم - نبتهج عندما  نسمع طنين الدراهم والدنانير تتردد في سمعنا وكأننا حزنا الدنيا وما عليها  وفي المقابل أغفلنا جانباً آخر طغى عليه هذا الجانب الذي كرسنا جهودنا من  أجله ، أغفلنا شيئاً يطلبنا كما نطلب رزقنا ، تجاهلنا الموت الذي له في كل  لحظة صرعى ، وضربات سيف لا تنقطع أبداً ولن تنقطع حتى تأتي على كل من في  الوجود خلا الله سبحانه وتعالى ، فهو يأتي الديار زائراً متلطعاً إلى وجوه  أهلها يتحققها ويتوعدها بصمت ، ولسان حاله يقول والله إن لي هنا لصرعى  وقدوم مستمر حتى لا يبقى أحد فيها .
 
أما نحن فقد فرحنا بصباحنا الجديد وانتشينا بنسيمه العليل ، واستنشقناه  فرحين مرحين لا عبين لاهين ، حتى إذا حصلنا على ما نريد زاد الجشع والطمع  فهرولنا من جديد لنجمع الكثير والكثير من ذلك الحطام والحطيم - ياحسرة على  العباد - غفلة ، ونسيان ، ولعب ولهو ونسينا دورة الأيام ومصارع القوم تحت  أقدام هاذم اللذات . 
يوم جديد لا ندري هل نتمه ، لنسمع نداء المغرب أم هل تختصر حياتنا عند زاوية من زواياه فنصبح في لحظة خبراً بعد عيان . 
 
 
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
wvud ggl,j