القلوب ثلاثة :
1- قلب سليم : وهو الذي لا ينجو يوم القيامة  إلا من  أتى الله به ، قال تعالى : { يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ }{  إِلا مَنْ  أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }
والقلب السليم هو الذي قد سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه ، ومن كل  شبهة تعارض  خبره ، فسلم من عبودية ما سواه ، وسلم من تحكيم غير رسوله  .
 .
وبالجملة فالقلب السليم الصحيح هو الذي سلم من أن يكون لغير الله فيه شرك  بوجه ما ،  بل قد خلصت عبوديته لله : إرادة ، ومحبة ، وتوكلا ، وإنابة ، وإخباتا ،  وخشية ،  ورجاء ، وخلص عمله لله ، فإن أحب أحب لله ، وإن أبغض أبغض في الله ، وإن  أعطى أعطى  لله ، وإن منع منع لله ، فهمه كله لله ، وحبه كله لله ، وقصده له ، وبدنه  له ،  وأعماله له ، ونومه له ، ويقظته له ، وحديثه والحديث عنه أشهى إليه من كل  حديث ،  وأفكاره تحوم على مراضيه ، ومحابه انظر : إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان  لابن  القيم رحمه نسأل الله تعالى هذا القلب .
 2-  القلب الميت  : وهو ضد الأول وهو الذي لا يعرف ربه ولا يعبده بأمره وما يحبه ويرضاه ، بل  هو واقف  مع شهواته ولذاذاته ، ولو كان فيها سخط ربه وغضبه ، فهو متعبد لغير الله :  حبا ،  وخوفا ، ورجاء ، ورضا وسخطا ، وتعظيما ، وذلا ، إن أبغض أبغض لهواه ، وإن  أحب أحب  لهواه ، وإن أعطى أعطى لهواه ، وإن منع منع لهواه ، فالهوى  إمامه ، والشهوة قائده ،  والجهل سائقه ، والغفلة مركبه  . نعوذ بالله من هذا القلب .
3- القلب المريض  : هو قلب له حياة وبه علة ، فله  مادتان تمده هذه مرة وهذه أخرى ، وهو لما غلب عليه منهما . ففيه من محبة  الله تعالى  والإيمان  به ، والإخلاص له ، والتوكل عليه : ما هو مادة حياته ، وفيه من محبة  الشهوات والحرص على تحصيلها ، والحسد  والكبر ، والعجب ، وحب العلو ، والفساد في  الأرض بالرياسة ، والنفاق ، والرياء ، والشح  والبخل ما هو مادة هلاكه وعطبه (1) .  نعوذ بالله من هذا القلب .
وعلاج القلب من جميع أمراضه قد تضمنه القرآن  الكريم .
 قال تعالى : { يَا أَيُّهَا  النَّاسُ  قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي  الصُّدُورِ  وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } ، { وننزل من القرآن  ما هو شفاء ورحمة  للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } 
وأمراض القلوب نوعان :
 نوع لا يتألم به صاحبه في الحال وهو مرض الجهل ، والشبهات   والشكوك ، وهذا هو أعظم النوعين ألما ولكن لفساد القلب لا يحس به .
ونوع : مرض مؤلم في الحال : كالهم ، والغم ، والحزن ، والغيظ ، وهذا المرض  قد يزول  بأدوية طبيعية بإزالة أسبابه وغير ذلك . (2) .
 وعلاج القلب يكون بأمور أربعة:
 الأمر الأول : بالقرآن  الكريم ؛ فإنه شفاء لما في  الصدور من الشك ، ويزيل ما فيها من الشرك  ودنس الكفر  ، وأمراض الشبهات  ، والشهوات ،  وهو هدى لمن علم بالحق وعمل به ، ورحمة لما يحصل به للمؤمنين من الثواب  العاجل  والآجل : { أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن  مثله في  الظلمات ليس بخارج منها } .
 الأمر الثاني : القلب يحتاج إلى ثلاثة أمور :
 ( أ ) ما يحفظ عليه قوته وذلك يكون بالإيمان  والعمل الصالح  وعمل أوراد الطاعات .
( ب ) الحمية عن المضار وذلك باجتناب جميع المعاصي وأنواع المخالفات .
( ج ) الاستفراغ من كل مادة مؤذية وذلك بالتوبة  والاستغفار .
 الأمر الثالث : علاج مرض القلب من  استيلاء  النفس عليه : له علاجان : محاسبتها ومخالفتها والمحاسبة نوعان :
أ- نوع قبل العمل وله أربع مقامات :
1- هل هذا العمل مقدور له ؟
2- هل هذا العمل فعله خير له من تركه ؟
3- هل هذا العمل يقصد به وجه الله ؟
4- هل هذا العمل معان عليه وله أعوان يساعدونه وينصرونه إذا كان العمل  يحتاج إلى  أعوان ؟ فإذا كان الجواب موجودا أقدم وإلا لا يقدم عليه أبدا .
ب- نوع بعد العمل وهو ثلاثة أنواع :
ا- محاسبة نفسه على طاعة قصرت فيها من حق الله تعالى فلم توقعها على الوجه  المطلوب  ، ومن حقوق الله تعالى : الإخلاص ، والنصيحة ، والمتابعة ، وشهود مشهد  الإحسان ،  وشهود منة الله عليه فيه ، وشهود التقصير بعد ذلك كله .
2- محاسبة نفسه على كل عمل كان تركه خيرا له من فعله .
3- محاسبة نفسه على أمر مباح أو معتاد لم يفعله وهل أراد به الله والدار الآخرة   فيكون رابحا ، أو أراد به الدنيا  فيكون خاسرا .
 جماع ذلك أن يحاسب نفسه أولا  على  الفرائض ، ثم يكملها إن كانت ناقصة ، ثم يحاسبها على المناهي ، فإن عرف أنه  ارتكب  شيئا منها تداركه بالتوبة  والاستغفار ، ثم على ما عملت به جوارحه ، ثم على الغفلة .
 الأمر الرابع : علاج مرض القلب من استيلاء الشيطان   عليه : الشيطان  عدو الإنسان والفكاك منه هو بما شرع الله من الاستعاذة وقد جمع  النبي  -  - بين الاستعاذة من شر النفس وشر الشيطان  ، قال عليه  الصلاة والسلام لأبي بكر : " قل اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب  والشهادة  ، رب كل شيء ومليكه ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر نفسي ، ومن  شر  الشيطان  وشركه ، وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم . قله إذا أصبحت وإذا  أمسيت وإذا أخذت مضجعك " . (3) .
 - بين الاستعاذة من شر النفس وشر الشيطان  ، قال عليه  الصلاة والسلام لأبي بكر : " قل اللهم فاطر السماوات والأرض ، عالم الغيب  والشهادة  ، رب كل شيء ومليكه ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر نفسي ، ومن  شر  الشيطان  وشركه ، وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم . قله إذا أصبحت وإذا  أمسيت وإذا أخذت مضجعك " . (3) .
والاستعاذة ، والتوكل ، والإخلاص ، يمنع سلطان الشيطان  . (4) .
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم  بإحسان إلى  يوم الدين  .
 
 
 
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
ugh[ Hlvhq hgrg,f