راجعتُ مذكراتي وأوراقي كعادتي دوماً وفي كل صفحةٍ 
أمر بها أعودُ سنوات إلى الوراء ، وأغيب في دهاليز 
الذكريات الجميلة منها والتعيسة ، فأتذكرُ كل أحداثها 
وكأنني أعيشها اللحظة ، فأغيبُ في جمالها وأبحرُ
في مياهها العذبة ، ومنه ما أتعثر على أطرافها وتصيبني
نوباتٌ من الحيرة والإعياء ، وارتباك الذاكرة ممها 
هاج وماج في كياني من أحداث أليمة ، أو مواقف عصيبة
ولكنها كانت جلها من أروع ما مررت به في الذكرى 
والذاكرة ، إلا صفحاتكِ وأحداثكِ ، فقد كانت مريرة كئيبة
عصيبة ، تتصلب في حنجرتي حروفها ، ويختفي صوتي
عند قراءتها ويتعلثم لساني عند قراءتها ، وتغيب ذكرياتي
وتختفي كل آيات الجمال التي توهمت أنني عشتها يوماً ما 
معكِ ، فأضطر إلى الوقوف عندها برهة ليس لإعادة قراءتها
للتمتع بها أو لاستحسانها ، بل لألملم نفسي وألتقط أنفاسي
وأكفكف دمعاً أغرق المحاجر ، حتى لا يهطل فيحرق المآقي 
ولأستوعب المفاجأة ولأشد على نفسي وأقويها ، وكلما حاولتُ
تجاوزها والمرور بها وتركها مكانها تثقل نفسي وتأبى العبور 
في تلك الدهاليز المظلمة والطرقات الموحشة . 
فمزقت تلك الأوراق السوداء ، ومحوتُ كل ما فيها ، وطهرت 
مذكراتي من شوائبها واقتلعتها كما تقتلع الشجرة من جذورها 
واقتلعتكِ من نفسي وحياتي إلى الأبد ، ولم أبقِ منكِ شيئاً في 
أعماقي ولا أطرافي ، سوى ما علق بمشاعري وأحاسيسي من
جراح وما أنت به روحي من ألم ، فهو لم يذهب ولن أنساه 
ماحييت ، وسيبقى في كل جزء من نفسي وفي كل قطرة دم كان
تجري في دمي بحبك ، وستبقين الجرح الذي لا يندمل ولا يخفيه
الرماد ، والألم الذي لا يهدأ ولا يسكن . 
سوف لن أنسى أعدكِ وستبقين الورقة الممزقة في صفحات مذكراتي
والكلمة السوداء التي تظلم بذكرياتي ، والغيض المكتوم في نفسي
تكاد تتآكل منه أحشائي وتتفجر أنفاسي . 
 
 حب على جبال فاران سيبقى جرح السنين إلى الأبد . 
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
vldj ;g lh djugr f;A K ,lp,jE ;jfji td;A >