عندما نشتاق لا نشتاق لأنفسنا ولا  إلى ذاتنا ، ولا إلى أجسادنا 
ولكننا نشتاق إلى أرواحنا ، وذاكرتنا ، وأحاسيسنا في فترة زمنية قد خلت 
ومشاعرنا التي مضت عليها الأيام ، وسجلتها في طيات صفحاتها ، 
ثم طوتها مع ما طوت من حياتنا وعمرنا . 
 
نشتاق إلى الذكريات ، ولعودة الذاكرة بأرواحنا وعقولنا إلى حقبة من الأيام مضت ، 
ألفنا فيها وسطرنا في الحياة مدوناتنا على صفحات الزمن دون الكتب والمجلدات 
فجعلنا منها ذكريات مليئة بالأوجاع والتأوهات ، والأنين ، ونبعث فيها روح الحنين 
والأشواق ، والأحزان ، والأفراح ، والسعادة ، والشقاء ، وطقوس من العيش والحياة مختلفة .
 
نشتاق إلى قراءة الماضي وسطور خطتها السنين على صفحاتنا ، ورسختها عقيدة الحياة 
في أعماقنا ، وبعثتها الأحداث في ذاكرتنا من جديد كل لحظة وحين . فنشتاق إلى الوقوف 
على ربى الأطلال ، نناجيها ، ونتحدث لها ومعها ، ونتحدث مع أنفسنا ، ثم ننصرف إلى 
مناجاة من أحببنا وهو غائب في طيات الزمن  ، أو متخف ، طوعاً أو كرهاً ، فنستشعر 
الحديث مع كل ما يربطنا به في داخلنا يتغلل في الذاكرة ، والعقل ، ويجوب الأعماق كألم يعتصرنا 
، وأنفاس متسارعة تكاد تحطم ترجيعاتها أضلاعنا وتتلف قلوبنا . ولا نستطيع أن نفسرتلك المشاعر
ولا نتبين حقيقتها ، هل هي أحزان ، أو أشجان ، أو لذة نتلذذ بها ، أو حياة تتكرر في حياتنا 
وزمن يعيد نفسه في خلدنا ، وإحساسنا . 
 
نشتاق للقلم ، والحرف والكلمة ، نشتاق إلى الورقة وسطورها  ،  
التي تمثل بشفافيتها تلك المشاعر السائدة في كياننا ، نشتاق إلى المعاني .
نشتاق إلى الكلمات التي تلامس فينا ما نريد أن تثيره تفاعلاتها وتأثيرها .
نشتاق إلى تلك الكلمات الكامنة في مخيلتنا لا تبرز ولا تظهر إلا عندما 
يلامس جسمها ما يثيرها ويبعثها فينا بنسيمها الرقيق العطر ، وهوائها الطلق العليل 
، وعنفوانها . 
 
نحن إلى كل ما ارتبطنا به وارتبط بنا ، وعاصرنا وعاشرنا وعاصرناه وعاشرناه 
، سواء مَنْ في الواقع أو الخيال ، أو لمسناه وعرفناه أو من خلال الأثير . 
 
نشتاق إلى نظرة متأملة ، حزينة ، بريئة ، متفائلة ، منادية إلى طبقات السماء ، 
وفسحات الفضاء ، ومساحاتالكون الشاسعة ، نتأمل أرواحنا فيها تلتقي ، تتناجى 
، تنادي بعضها بعضاً في همس رهيب . 
 
ننتظر الليل يدنو إلينا ويكسونا بستاره لنخلو معه بأنفسنا ، 
ونستعيد في هدوئه وسكونه ما مضى في سني عمرنا . 
نشتاق إلى كل شيء قد مر في حياتنا ودلف إلى غياهب الماضي وتوارى 
في سنين العمر ، وطوته علينا الليالي والأيام . 
 
مهما تعلمنا ألا نشتاق ، فلا بد أن نشتاق ، ومهما حاولنا جدلاً ألا نتذكر 
فنحن نتذكر عندما نريد ألا نتذكر إنها طريقة العقل الباطن يبعث في
ظاهرنا ما كمن في الباطن .
ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
lilh juglkh Hgh kajhr > jugl,h