|   10-19-2013 | 
  |   |  |  |    | لوني المفضل Dimgray |   |   | رقم العضوية : 6 |   | تاريخ التسجيل : May 2010 |   | فترة الأقامة : 5652 يوم |   | أخر زيارة : 07-01-2014 (09:19 AM) |   | الإقامة : أَسْكُن اريَآف أبَي |   | المشاركات : 
13,261 [
+
] |   | التقييم : 
36 |   | معدل التقييم :  |   | بيانات اضافيه [
 +
] |  |  |  | 
  |   ذهب أهل الدثور بالأجور 
         
 
  عن  أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه  وسلم قالوا له : يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور ، يصلون كما نصلي ،  ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون بفضول أموالهم . قال : ( أوليس قد جعل الله  لكم ما تصدّقون ؟ إن لكم بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تحميدة  صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة ، وفي  بضع أحدكم صدقة ) ، قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له  فيها أجر ؟ ، قال : ( أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا  وضعها في حلال كان له أجر ) رواه مسلم .
 الشرح
 
 يوم أن خلق الله تعالى هذه الدنيا ، بثّ فيها ما يكفل للإنسان عيشا رغيدا  وحياة هانئة سعيدة ، إلا أن هذه الحياة على اتساعها وجمال ما فيها مآلها  إلى الفناء ، كالزهرة اليانعة في البستان سرعان ما تذبل وتسقط أوراقها ،  وإنما هيأها الله لبني آدم كي تكون مزرعة للآخرة ، ومجالا واسعا للتنافس  على طاعة الله ، والتسابق في ميادين الخير .
 
 ولقد كان هذا هو همّ الصحابة الأول ، وتطلعهم الأسمى ، فشمّروا عن سواعد  الجد ، وانطلقوا مسارعين إلى ربهم ، بقلوب قد طال شوقها إلى الجنة ، ونفوس  قد تاقت إلى نعيمها الدائم ، فكان الواحد منهم إذا سمع عن عمل يقرّبه إلى  الله ويدنيه من رحمته كان أول الممتثلين له ، عملا بقوله تعالى : { وسارعوا  إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين } ( آل عمران :  133 ) .
 
 ولئن كانت ميادين الصلاة والصيام ونحوها مقدورة من أغلب الناس ، إلا أن  الصدقة بالمال مقصورة على أغنياء المسلمين القادرين على بذله والجود به ،  ومن هنا دخل الحزن قلوب فقراء الصحابة ، إذ فاتهم هذا المضمار من مضامير  الخير ، وكلما سمعوا آية أو حديثا يحث الناس على البذل والصدقة ، ويبيّن  فضلها وما أعد الله لأهلها ، حزّ ذلك في نفوسهم ، فذهبوا إلى رسول الله صلى  الله عليه وسلم شاكين له ، ولنعش معا لحظات ماتعة مع هذا الموقف العظيم  الذي يرويه لنا أبو ذر رضي الله عنه .
 
 لقد قال الصحابه : " يا رسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور " ، ولم يكن  قولهم هذا انطلاقا من الحسد لإخوانهم ، أو طمعا في الثراء ، ولكنه خرج مخرج  الغبطة وتمني حصول الخير ، ليحوزوا المرتبة التي امتاز بها الأغنياء ،  ونظير هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه  الله مالا فسلط على هلكته في الحق ) متفق عليه .
 
 وهنا أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ما يدور في نفوس أصحابه من اللهفة إلى  الخير ، فعالج ذلك الموقف بكل حكمة ، وبيّن لهم سعة مفهوم الصدقة ، فإنها  ليست مقصورة على المال فحسب ، بل تشمل كل أنواع الخير ، ولهذا قال صلى الله  عليه وسلم ( إن بكل تسبيحة صدقة ) .
 
 إن ذكر الله تعالى من التكبير والتسبيح والتهليل والتحميد ، هو من الباقيات  الصالحات التي ذكرها الله تعالى في قوله : { والباقيات الصالحات خير عند  ربك ثوابا وخير أملا } ( الكهف : 46 ) ، وقد وردت نصوص كثيرة تدل على فضل  الذكر ، ففي مسند أحمد وعند الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي  صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم  وأرفعها في درجاتكم ؟ ، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق ، وخير لكم من أن  تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا :بلى يا رسول الله .  قال : ذكر الله عز وجل ) وقال أبو الدرداء راوي الحديث : " لأن أقول الله  أكبر مائة مرة ، أحبّ إليّ من أن أتصدق بمائة دينار " ، وفي حديث آخر يقول  النبي صلى الله عليه وسلم : ( سبق المفردون . قالوا : وما المفردون يا رسول  الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات ) رواه مسلم . فذكر الله من  أعظم صدقات العبد على نفسه .
 
 وفي الجانب الآخر : فإن دعوة الناس إلى التزام الأوامر وترك النواهي إنما  هو صدقة متعدية إلى أفراد المجتمع ، ودليل على خيرية هذه الأمة ، كما قال  الله عزوجل في كتابه : { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون  عن المنكر وتؤمنون بالله } ( آل عمران : 110 ) ، وهذا النوع من الصدقة واجب  على كل أفراد الأمة كلٌّ بحسبه ، علاوة على أنه ضمان لسلامتها وتصحيح  مسارها .
 
 ويجدر بنا أن نشير إلى أن أبواب الخير غير مقصورة على ما ورد في الحديث ،  بل وردت أعمال أخرى أخذت وصف الصدقة : منها التبسم في وجه الأخ ، وعزل  الشوكة أو الحجر عن طريق الناس ، وإسماع الأصم والأبكم حتى يفهم ، وإرشاد  الأعمى الطريق ، والسعي في حاجة الملهوف ، ونفقة الرجل على أهله ، بل كل ما  هو داخل في لفظة " المعروف " يعتبر صدقة من الصدقات إما على النفس أو على  المجتمع .
 
 ثم تتضح سعة فضل الله تعالى على عباده ، حينما رتّب الأجر والثواب على ما  يمارسه الإنسان في يومه وليلته مما هو مقتضى فطرته وطبيعته ، وذلك إذا أخلص  فيه النية لربه ، واحتسب الأجر والثواب ، فبيّن النبي صلى الله عليه وسلم  أن المرء إذا أتى أهله ، ونوى بذلك إعفاف نفسه وأهله عن الحرام ، والوفاء  بحق زوجته ، وطلب الذرية الصالحة التي تكون ذخرا له بعد موته ، فإنه يؤجر  على هذه النيّة .
 
 وهكذا يتسع مفهوم الصدقة ليشمل العادات التي يخلص أصحابها في نياتهم ، فهي  دعوة إلى احتساب الأجر عند كل عمل ، واستحضار النية الصالحة عند ممارسة  الحياة اليوميّة ، نسأل الله أن يعيننا على طاعته .
 ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
 
 
 
 `if Hig hg]e,v fhgH[,v |